باب فيمن اشترى معيبا قد ذهب قبل القيام به، أو بعد القيام وقبل الحكم أو ذهب عند البائع وقبل الشراء، أو كان العيب بأحد الآباء
ومن لم يكن له الرد. واختلف إذا علم ثم ذهب، هل يرد به؟ فقال اشترى عبدا أو أمة بها عيب قد ذهب قبل أن يقوم به، لا رد له. وقال ابن القاسم: له أن يرد. والأول أصوب. أشهب:
وإن ذهب قبل الشراء لم يرد إلا أن يكون ممن لا يؤمن ظهوره في الولد.
قال -فيمن اشترى أمة في عدة من طلاق، فلم يردها حتى انقضت العدة: فلا رد له. وكذلك أرى إذا كان شراؤه بعد مضي حيضة؛ لأنه دخل على أنها توقف حتى تحيض حيضة، فلم تدخل عليه مضرة، إلا أن تكون من الوخش؛ لأنها تشترى على أنها تقبض بالحضرة، ومحمل قوله على أنه قد كان علم أن لها زوجا طلقها ورأى أنها في غير عدة، وإن لم يعلم بتقدم الزوج كان له الرد وإن انقضت العدة. ابن القاسم
وإن فسخه السيد قبل الدخول أو طلق العبد؛ لأن تعديه في مثل ذلك عيب، وإن تزوج بإذن سيده ثم طلق قبل الدخول لم يرد، إلا أن يكون العبد يخلق على سيده حتى زوجه فذلك عيب، وإن طلق قبل البناء، وتقدم القول إن الطلاق بعد البناء لا يسقط القيام. [ ص: 4416 ] وتزويج العبد بغير إذن سيده عيب
والاختلاف في الموت، وأرى أن يرد وإن ماتت الزوجة؛ لأن الزوجة من العبد مفسدة، وعادة تطلبه نفسه بها ومطالبة مولاه بالتزويج أو يتخلق عليه، وكذلك الأمة.
قال والدين على العبد عيب، إلا أن يسقطه الطالب أو يقضيه السيد، إلا أن يكون مداينته في سفه فيرد وإن أسقط عنه. وأرى إن كانت بغير إذن سيده أن يرد وإن أسقط الدين، وإن كان في غير سفه؛ لأن دخوله في المداينة وتعمير ذمته بها عيب، وإن علم المشتري بعد العقد أن في رقبته جناية فافتكه السيد سقط العيب إن كان خطأ، وإن كانت عمدا لم يسقط. سحنون:
واختلف إذا اشتراه على عهدة الثلاث فحدث في تلك الأيام حمى ثم ذهبت، فقال لا يرد. وقال ابن القاسم: يرد. قال: وكيف يعرف ذهاب ذلك؟ وأرى أن يستأني به، فإن استمر برؤه لم يرد، وإن عاوده عن قرب رد. أشهب:
ولا يخلو ذهاب العيب من ثلاثة أوجه: إما أن يكون الغالب عودته، أو أنه لا يعود، أو أشكل أمره هل يعود أم لا؟
فإن كان الغالب العودة أو أشكل أمره رد وإن كان الغالب أن لا يعود لم يرد. والغالب من الحمى الخفيفة البرء، والاستثناء حسن، إلا أن يكون [ ص: 4417 ] بموضع به حمى الربع كثير فيرد. وإن كان من العلي أو من الوخش. تبين أن الجارية أو العبد يبول في الفراش رد،
واختلف إذا أنكر ذلك البائع؛ فقال مالك -في الجارية: توضع على يد من يوثق به ويقبل في ذلك النساء، وليس مما يحدث ويسأل عنه أصحاب الرقيق. وقال محمد بن عبد الحكم: يحلف البائع ويبرأ، فقد تكره الأمة المشتري فتفعل ذلك عمدا.
واختلف إذا وقع البيع بعد أن طال انقطاعه، فقال يرد؛ لأنه لا تؤمن عودته. وقال ابن القاسم: لا يرد إذا طالت السنون. وهذا أشبه، وما أظن الناس يتقون ما طالت سنوه، وإن علم أنه كان به جذام أو برص ثم ذهب، كان له أن يرد؛ لأنه لا تؤمن عودته. أشهب:
واختلف إذا قال أهل النظر: نرى به جذاما ولا يظهر إلى سنة، فقال لا يرد. ابن القاسم:
وقال محمد: يرد؛ ألا ترى أن العبد والجارية يردان إذا قيل: هو ساري [ ص: 4418 ] لما يخاف من الجذام بعد اليوم. وقال مالك -في كتاب محمد: إذا كان أبوه مجذوما، كان له أن يرد؛ لأن الناس يكرهونه، وهو أمر يخاف، وكذلك الأم على قوله إذا كانت مجذومة، له أن يرد؛ لأنه يكره ويخاف حدوث مثل ذلك في الولد.
وإن جن العبد ثم ذهب عنه رد؛ لأنه لا تؤمن عودته، وإن كان أحد الأبوين مجنونا، فإن كان ذلك من لمم الجان لم يرد، وإن كان من فساد الطباع رد. وإن كان أحد الأبوين أسود، لم يرد في العبد ولا في الوخش من الإماء.
واختلف في العلي يشتريها ليتخذها أم ولد، فقال مالك في كتاب ابن حبيب: يرد. وفي العتبية: لا يرد. والأول أبين؛ لأن ذلك مما يتقى، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم: وإن كان لا يريدها للولد لم ترد، وإن كانت من العلي. [ ص: 4419 ] "ولعل هذا عرق نزعه".