الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الانتفاع بالمعيب بعد معرفة العيب]

                                                                                                                                                                                        الانتفاع بالمعيب بعد معرفة العيب على ثلاثة أوجه: فإن كان دارا أو حائطا، كان له أن ينتفع باللغات في حالة المخاصمة، والغلات له حتى يحكم بالفسخ، فيجني الثمار ويأخذ غلة الدار، وليس عليه أن يخرج المكري ثم يخاصم، وكذلك إذا كانت للسكنى.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت جارية أو ثوبا لم يطأ ولم يلبسه بعد المعرفة بالعيب، ولا يطأ ما لا يختار إمساكه، ولأن اللباس ينقص الثوب والنقص ليس بغلة، فإن وطئ أو لبس كان رضى ويسقط قيامه.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان عبدا أو دابة، فاستخدم وركب بعد علمه بالعيب، أو بعد أن قام، أو كان في سفر، أو كان البائع غائبا؟ فقال مالك: إذا كان البائع والمشتري حاضرين فقد سقط قيامه. وقال ابن حبيب: له ذلك حتى يحكم له بالرد. وهو أحسن؛ لأن له الخراج بالضمان وعليه النفقة، فلا يلزم بالاتفاق ويمنع من الانتفاع ومن الخراج. [ ص: 4431 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف قول مالك في كتاب محمد إذا علم بالعيب وهو في سفره، فقال مرة: يسقط قيامه. ومرة: له أن يقوم وإن ركب، ولم يكن عليه أن يقودها ويكري غيرها. قال: وليس عليه أن يكريها، وإن أكراها كان رضى. وعلى قول ابن حبيب يكريها، وعلى هذا يجري الجواب إذا وجد العيب بعد غيبة البائع، ولم يسافر هو، أن له أن يركب ويكري، حتى يقدم البائع، ولأن الرفع إلى القاضي مما يشق على الناس.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية