الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في من اشترى على خيار، فأعتق، أو دبر، أو كاتب، أو وطئ أو قبل أو نظر، أو باع، أو ساوم، أو أجر، أو رهن أو كانت أرضا فبنى أو غرس

                                                                                                                                                                                        ومن اشترى على خيار فوهب، أو تصدق أو أعتق أو دبر، أو كاتب أو أولد أو وطئ أو قبل، أو باشر أو نظر إلى الفرج، فإن ذلك رضا وقبولا للبيع، وإن نظر إليها متجردة وقال أردت معرفة جسدها، أحلف على ذلك ولم يكن رضا، وإن اعترف أنه أراد الالتذاذ بذلك كان رضى، وإن ركب الدابة إلى الموضع القريب، أو استخدم العبد فيما يقصد من مثله الاختبار، وقال: ذلك أردت، صدق، وإن كان شرط الخيار لغير الاختبار، ثم تعدى وفعل ذلك لم يعد رضى; لأنه يقول تعديت لأختبر ما اشتريته.

                                                                                                                                                                                        واختلف في إجارة العبد وإسلامه للصناعة ورهنه وتزويجه والجناية عليه إذا كانت عمدا فقال ابن القاسم في جميع ذلك: إنه رضى، وقال أشهب: ليس برضى.

                                                                                                                                                                                        وأرى أن ينظر في الإجارة وإسلامه إلى الصناعة والرهن، إلى المدة التي عقد فيها ذلك، فإن كانت مدة أيام الخيار، وقال أردت بالإجارة أن أعلم قدر خراجه، وفي إسلامه للصناعة هل ترجى نجابته؟ وفي الرهن أنه كان لأمر [ ص: 4551 ] وقف عليه تلك المدة ثم قضاه، وقال: أردت أن أرده بعد القضاء، أن يقبل قوله ويحلف; لأن كل ذلك مما يشبه أن يكون أراده، فلا يحمل عليه رضى مع الشك، وإن ضرب أجلا طويلا في جميع ذلك كان محمله على الرضى.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا تسوق به أو باعه، فروى ابن القاسم عن مالك: أنه رضى.

                                                                                                                                                                                        وروى عنه علي بن زياد في البيع أنه ليس برضى. وقال ابن حبيب: إن تسوق به فقال أردت أن أعرف رخصه من غلاه، حلف على ذلك وكان على خياره، وإن نكل لزمه، وهو أحسن. وأما البيع فرواية ابن القاسم أحسن وذلك رضى.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد: إن باع بربح لم يجز له ذلك، حتى يعلم البائع أو يشهد على نفسه قبل، فأما ما دام صاحبها ضامنا لها إن تلفت لم تطب له وكان من ربح ما لم يضمن، وقال أيضا: القول قوله ويحلف أنه كان اختار قبل البيع. وهذا أصوب؛ لأن الغالب فيمن وجد ربحا أنه لا يجعله لغيره، وإن باعه المشتري والخيار للبائع وفات به المشتري الثاني، كان للبائع الأكثر من ثلاثة: من الثمن الأول; لأنه يقول: أنا أجيزه لك، أو الثمن الثاني; لأنه يقول: لا أمضي إلا البيع الثاني، أو القيمة; لأنه يأخذه بالتعدي.

                                                                                                                                                                                        وإن باعه البائع والخيار له، مضى بيعه وذلك رد لعقده مع الأول، وإن كان الخيار للمشتري كان بالخيار في ثلاثة، بين أن يفسخ البيع عن نفسه أو يقبل، أو يكون له الأكثر من الثمن الثاني، أو القيمة يوم البيع الثاني. [ ص: 4552 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية