الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في حدوث العيب في أيام الخيار]

                                                                                                                                                                                        وإذا حدث عيب في أيام الخيار فرضيه المشتري وقبل البيع، ثم حدث عنده عيب مفسد، ثم وجد عيبا قديما فأحب التمسك والرجوع بالعيب القديم، قوم العبد قيمتين قيمة بعيب الخيار كأنه اشتراه به من الأول، وقيمة بالعيب الذي لم يعلم به، فحط من الثمن ما ينوبه تسعا كان أو عشرا أو غير ذلك، وكلا القيمتين يوم قبل; لأنه حينئذ ضمنه، وليس يوم اشترى على خيار. [ ص: 4558 ]

                                                                                                                                                                                        وإن أحب الرد زيدت قيمة ثالثة بالعيب الحادث عنده، وهي قيمته بالعيوب الثلاثة فما حطت قيمته بالعيب الثالث عن القيمتين حط عن البائع من الثمن بقدره ورجع المشتري بالباقي، وإن كان البيع فاسدا; لأنه بيع في أيام الخيار بشرط النقد، أو غير ذلك من وجوه الفساد، وكان قد حدث به عيب في أيام الخيار علم به ورضيه، ثم وجد عيبا قديما قوم قيمة واحدة بالعيبين جميعا، يوم قبله لأن الثمن كان فاسدا فسقط، وإنما يغرم قيمة ما قبض على هيئته يوم القبض.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إن حدث عنده عيب مفسد وأحب التمسك، فإنه يقوم قيمة واحدة، وإن أحب الرد زيدت قيمة ثانية، فتحط قيمة العيب الحادث من تلك القيمة، وإن تغير سوقه بعد قبضه ولم يتغير في نفسه، كان قد فات في البيع الفاسد ولم يفت في العيب، فإن أحب أن يرده بالعيب كان ذلك له، وإن أحب أن يمسكه ويغرم قيمته كان ذلك له.

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يغرم قيمته سالما أو معيبا؟ فقال سحنون وابن عبدوس: يقوم معيبا. وقال محمد: يقوم سالما; لأنه قد ملك الرد، وحوالة الأسواق ليست بفوت من ناحية العيب. والأول أحسن وإنما قبض معيبا وعمرت ذمته بمعيب فلا يغرم فوق ما قبض.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية