فصل [فيما إذا باع أحد الشريكين نصيبه من أجنبي]
وعلى هذا يكون الجواب إذا باع نصيبه من أجنبي، فعلى من أجاز له أن يقتضي دون شريكه يجيز له أن يبيع نصيبه ويكون ما باع له خاصة، وهو قول في كتاب "السلم الثاني" أنه أجاز له أن يولي نصيبه. وعلى من منع أن يقتضي دون شريكه يكون البيع على وجهين، فإن قال له: نبيع منك نصيبي، وعندهما -أعني البائع والمشتري- أن للمشتري أن يقتضي من الشريك، يصح ما قاله في الكتاب أي أن يكون المبيع على الشركة. مالك
وكذلك في "كتاب محمد" إذا باع من أجنبي أن المبيع على الشركة، وكذلك إن باع نصيبه على أن المشتري يحل محل البائع ويكون اقتضاؤه مع الشريك ولا يقتضي دونه، فيكون البيع جائزا، ويكون البائع قد باع نصيبه خاصة، ولا يدخل عليه شريكه فيما باع.
وقد أبان هذا الأصل في "مدونته" فقال في كتاب القسم: أشهب وليس بمنزلة الطعام يكون بين الرجلين فيبيع أحدهما نصف الطعام بكيله لصاحبه، وذلك [ ص: 4685 ] لأن الطعام كانت فيه المقاسمة قبل البيع فلم يقاسمه حتى باع نصف الطعام وهو بينه وبين هذا، والعبد ليست فيه المقاسمة. انتهى كلام أشهب. إذا كان عبد بين رجلين فباع أحدهما نصيبه منه، فلا يكون لشريكه إذا جاء أن يقول: بعت نصف العبد وهو بيني وبينك فنصف الثمن بيني وبينك.
فجعل الطعام لما كان ينقسم وباع النصف على أن يكيله للمشتري وهو ليس إليه المقاسمة، فكان المكيل على الشركة والثاني على الشركة، وإذا كان ذلك كان ثمن المبيع على الشركة، إلا أن يحب الذي لم يبع أن يمضي له ذلك، ولو أنه باع حظه من الطعام على أنه لا يكيل للمشتري ذلك النصيب، وقال: تحل فيه محلي وتكون شريكا معه فيه تبيعان جميعا أو تقسمان جميعا، لكان ذلك كالعبد وكان المبيع له خاصة ولا يدخل شريكه عليه بشيء.
وعلى هذا يكون الجواب في بيع الدين إن قال له: تكون شريكا له وتقتضي معه، أو قال له: لا تكون شريكا وتقتضي بانفرادك. وكذلك إذا باع نصيبه من الغريم، وإنما يقصد أنه يسقط عنه من الدين حصة البائع وتخلى ذمته.
ولو باع على أن الغريم يكون شريكا لمن لم يبع حتى يخرجه من الذمة فيبيعانه ويقسمانه أو يتراضيان على قسمته وهو في الذمة، لم يدخل من لم يبع على البائع بشيء. وإذا كان الغريم المشتري كان أبين أنه لا يدخل الشريك على البائع. [ ص: 4686 ]