الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في مساقاة الورد والياسمين والمقاثي وشجر البعل]

                                                                                                                                                                                        وأجاز مالك مساقاة الورد والياسمين وثمرة نوره، واختلف عنه في المرسين وهو الريحان فأجاز مساقاته ومنعها، وأجازها ابن وهب، واختلف فيه [ ص: 4733 ] عن ابن القاسم، ومنعه أصبغ، قال: لأنه وإن كان له أصل فالمأخوذ منه ورقه، وهو بمنزلة ما يجز ويخلف، وهو موجود أبدا ومتتابع لا ينقطع، وهو في وقت مساقاته يجوز بيعه وبيع خلفته، وإذا جاز البيع لم تجز المساقاة، وإذا جازت المساقاة على أحد قولي مالك جاز أن يشترط الخلفة على القول بإجازة بيعها مع الأصول.

                                                                                                                                                                                        واختلف عن مالك في مساقاة المقاثي فأجازها في "المدونة".

                                                                                                                                                                                        وقال في "كتاب محمد": إنما ذلك في الزرع إذا عجز عنه. والأول أبين، والأمر فيهما سواء.

                                                                                                                                                                                        وأما مساقاة القضب وقصب السكر وغيرهما مما يجز ويخلف، فإنه لا تخلو مساقاته من أن تكون في أول بطن قبل بروزه، أو بعد بروزه، وقبل صلاحه أو بعد صلاحه، أو بعد أن جز أول بطن ولم يبد الثاني.

                                                                                                                                                                                        فإن كان في أول بطن ولم يبد صلاحه كان الجواب فيه على ما تقدم في الزرع، فيجوز على قول مالك إذا برز وعجز عنه; لأنه حينئذ لا يجوز بيعه. وعلى قول ابن نافع يجوز وإن لم يعجز، فإن بدا صلاحه امتنعت المساقاة، فلم يجز في الرأس ولا في الخلفة على الاجتماع ولا على الانفراد; لأنه قادر على البيع فيهما جميعا، وعلى هذا الوجه تكلم في "المدونة"، وعلى قوله في "كتاب محمد" يجوز في الرأس وحده، وتكون إجارة باع نصفها بعمله، ولا يجوز أن يجمع [ ص: 4734 ] الخلفة في العقد مع الرأس; لأنه لا تجوز مساقاة ما بدا صلاحه مع ما لم يبد صلاحه، وقياد قوله أنها إجارة يجوز ذلك.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك: لا بأس بمساقاة شجر البعل، وقال ابن القاسم: تجوز مساقاة زرع البعل مثل زرع مصر وإفريقية، إذا كان يحتاج إلى ما يحتاج إليه شجر البعل من المؤنة، فإن ترك خيف عليه الضيعة، وإن كان لا مؤنة فيه ولا عمل لم تجز المساقاة، وإنما يقول له: احفظه واحصده وادرسه ولك نصفه، فهذا لا يجوز. [ ص: 4735 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية