فصل [في من استأجر من يدبغ له جلودا]
وإن جاز إذا اشترط نقد الخمسين التي هي أجره، وإن اشترط وقفها حتى تفرغ الأخرى من الدباغ لم يجز. قال في جلود: ادبغ هذه الخمسين بهذه الخمسين
ويختلف إذا لم يشترط نقدها ولا وقفها، فعند الإجارة فاسدة; لأن ابن القاسم فإذا كانت موقوفة إلى ذلك الوقت كان بيعها فاسدا، ويجوز على قول ثمن الإجارة لا يستحق إلا بعد الفراغ، ويتعجل الأجير قبضها، وقد مضى ذلك في كتاب كراء الرواحل إذا استأجر راحلة بثوب بعينه. ابن حبيب
وإن قال: جاز ذلك إذا كانت تعتدل في القسم والعدد أو تتقارب، وإن تباين اختلافها لم يجز من أجل الجهل بما يدفع; لأنه لا يدري هل يدفع ستين أو أربعين؟ وليس يفسد من أجل الجهل لما يصير للعامل في أجرته; لأن شراء بعضها على الشياع جائز وإن لم تعتدل في القسم، فإن لم تفسخ حتى قاسمه ودبغ جميعها كان له النصف الذي أخذه أجرة بقيمته يوم قبضه بعد المقاسمة وله أجرة المثل في [ ص: 4939 ] النصف الآخر. ادبغ نصف هذه المائة بنصفها أو شرط نقد النصف
وإن قال: ادبغ المائة بنصفها لم يجز قولا واحدا بخلاف الأول; لأن قوله: ادبغها ولك النصف يقتضي دباغ الجميع على ملك صاحبها وله النصف بعد الفراغ، فإن فعل وفاتت بالدباغ كان له إجارة المثل في جميعها، وإن ضاعت قبل ذلك ببينة كانت مصيبتها من بائعها، وإن لم يعلم ضياعها إلا من قوله ضمن جميعها على أحكام الضياع، وإن شرع في العمل مكن من التمادي حتى يفرغ.
وكذلك النسج إن شرط أن ينسج له غزلا بنصفه، فأخذ في النسج مكن من التمادي حتى يفرغ; لأن في نزعها عليه حينئذ مضرة. وإن فاتت من يده بعد الدباغ وقد بقيت على أنه شريك فيها، ففاتت بحوالة الأسواق فما فوق ضمن نصف قيمتها يوم الفراغ.
واختلف إن والأول أبين أن يكون ضامنا لنصفها. [ ص: 4940 ] قال له: لك نصفها من اليوم على أن يدبغ جميعها فشرع في الدباغ، هل يكون ذلك فوتا ويضمن نصف قيمتها، أو ليس بفوت; لأنه غير ممكن من ذلك النصف لما حجر عليه أن يدبغه ولا يبين به؟