فصل [فيمن اكترى أرضا فانهار بئرها أو غار ماؤها وأبى المالك أن يصلحها]
وقال فيمن اكترى أرضا ثلاث سنين فلما زرع انهارت البئر أو تغور ماؤها وأبى ربها أن يصلح: إن للمكتري أن يصلح بكراء سنة لا أكثر منه، فإن زاد فهو متطوع. مالك
وقال في المساقي سنين فيغور ماء البئر: إن للمساقي أن ينفق بقدر [ ص: 5070 ] نصيب صاحب الحائط سنة لا أكثر. يريد: أن يسلف ذلك من عنده حتى يصلح الثمار للبيع.
وقال في الذي يرتهن الزرع أو النخل ولها بئر فتهور ويأبى المالك من إصلاحه: إن للمرتهن أن ينفق من ماله وتكون نفقته في الزرع وفي رقاب النخل؛ لئلا يهلك رهنه، ويبدأ من الرهن بما أنفق، وإن بقي شيء كان لربه، وإن لم يوف لم يكن له على أصله على المالك للزرع والنخل شيء. ولم يجبر صاحب النخل والحائط على الإصلاح كما لم يجبر صاحب الدار في الكراء، وجعل للمكتري أن يصلح البئر من كراء تلك السنة ومن نصيبه في المساقاة؛ لئلا يهلك زرعه وعمله في الحائط.
ولا يخلو فساد البئر وغور الماء إذا أكريت الأرض من أن يكون قبل حرث الأرض، أو بعد أن قلبت ولم تزرع، أو بعد أن زرعت، أو بعد أن رفع زرعه وحدث ذلك في سنة أخرى، فإن لم يكن عمل شيئا; خير صاحب الأرض بين أن يصلح أو يأذن له في الإصلاح، فإن أبى رد إلا أن يرضى أن يصلح على ألا يحط عنه من الكراء شيء.
وكذلك لو قلبت الأرض ولم تبذر فلا يجبر صاحب الأرض على أن يعمل من كراء تلك السنة; لأنه متى ردت الأرض كان كراؤها بينهما، هذا بقيمة الكراء غير محروثة، وهذا بقيمة حرثه، فإن لم يوجد من يكتريها عاد الجواب إلى ما تقدم وزرعت؛ لئلا تهلك خدمته فيها.
وأما إن أنفق فكانت النفقة أكثر من سنة، فإن كانت الزيادة مما لا يقدر [ ص: 5071 ] على أخذه في مثل استغزار الماء، أو بناء والأحجار لرب البئر، فلا شيء له وإن أتى بما أتم به من الأنقاض من عنده، كان له أن يأخذ تلك الأنقاض، إلا أن يشاء صاحب البئر أن يعطيه قيمتها منقوضة.
وكذلك المساقاة إذا فضل له شيء بعد بيع نصيب صاحب الحائط من الثمرة، فالجواب على ما تقدم. وعلى قول غيره في الديار: إن صاحبها يجبر على إصلاحها، يجبر هذا على إصلاح البئر وكنسها.
وأرى أن يجبر إذا كانت نفقة الإصلاح يسيرة أو كثيرة وكان متى عادت إليه بادر إلى إصلاحها، أو كان يعلم أنها تحتاج إلى مثل هذا الإصلاح في هذه السنة، وإلا لم يجبر.
وقال في "العتبية": يجبر الراهن على إصلاح البئر حتى يتم الزرع والثمرة إن كان له مال، وإن لم يكن له مال نظر، فإن كان بيع بعض الأصل خيرا بيع منه ما يصلح به، فإن تطوع المرتهن بالإصلاح ورأى أن ذلك خير لرب الأصل جاز وكان الأصل في يديه رهنا بما أنفق، فيجبر الراهن على الإصلاح بخلاف المكري; لأنه في الرهن الثمار للراهن وعين متاعه الذي يهلك، وفي الكراء إنما يهلك زرع المكتري. [ ص: 5072 ] ابن القاسم
وقال في "كتاب ابن حبيب" في المساقي يتوخى فيه قدر نصيب الحائط من الثمرة بعد طرح مؤنته فيها: فيكلف أن يخرج قيمة ذلك معجلا فينفقه إن كان كافيا، فإن أعدم، قيل للعامل: أخرج مثله من عندك ويكون نصيبه من الثمرة رهنا بذلك، وإلا فسلم الحائط إلى ربه ولا شيء لك عليه. [ ص: 5073 ] ابن الماجشون