الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن أكرى دارا بثوب فهلك قبل أن يقبضه أو وجد به عيبا

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن أكرى داره بثوب بعينه على صفة فضاع قبل قبضه وبعد ما سكن المكتري أو استحق: إن المكري يرجع بقيمة السكنى. وساوى بين استحقاقه ودعواه الضياع، وعلى قول محمد يكون المكري بالخيار إذا ادعى ضياعه بين أن يفسخ الكراء ويرجع بقيمة ما سكن، أو يلزمه قيمته ويتمادى المكتري على سكن بقية السنة، وإن قامت بينة على ضياعه أو كان المكري صدقه على ضياعه، كان الجواب فيه كالمحبوس بالثمن، وإن لم يصدقه على ضياعه ولا شهدت بذلك بينة، كانت مصيبته من بائعه وهو المكتري.

                                                                                                                                                                                        وإن قبضه المكري ثم وجد به عيبا بعد أن سكن المكتري ستة أشهر، كان بالخيار بين أن يتمسك ولا شيء له، أو يرده ويرجع بقيمة السكن عن الماضي وينفسخ الباقي.

                                                                                                                                                                                        وإن حدث عنده عيب واختار التمسك وكانت قيمة العيب العشر، كان لصاحب الدار أن يرجع على الساكن بقيمة عشر الماضي، ويرجع في عين عشر المستقبل إذا كان السكنى ينقسم على تلك الأجزاء، وإلا رجع به قيمة. وهذا قول ابن القاسم. وقال مرة: يرجع بذلك الجزء شريكا، وهو قول أشهب. [ ص: 5047 ]

                                                                                                                                                                                        يريد: وينقلب الخيار للمكتري بين أن يرضى بالشركة أو يرد، ولم يمنع أشهب إذا رجع معه شريكا أن يكون بالخيار، فإن أحب صاحب الدار أن يرد الثوب رده وحده وحوسب بما نقصه العيب الحادث عنده، فإن كانت قيمة العشر من الأصل، رجع في قيمة تسعة أعشار ما سكن، ويبقى عشر عن العيب ورجع في تسعة أعشار المنافع في المستقبل، ويبقى عشر عن العيب، فإن كان ينقسم ورضي المكتري أن يتمسك به، كان ذلك له وله أن يرده; لأنه اشترى الجميع ويرجع بما ينوبه من العيب وهو نصف قيمة العيب إذا كانت الشهور متساوية، وإن كان لا ينقسم رده ورجع بنصف قيمة العيب. [ ص: 5048 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية