فصل [في اشتراط النقد في كراء الأرض]
وأما اشتراط النقد فراجع إلى صفة الأرض في الأمن. والأرض أربعة: أرض النيل، وأرض مطر، وذات نهر، وذات بئر.
وأرض النيل ثلاثة: فإن كانت منخفضة تروى وإن نقص النيل، جاز اشتراط النقد. وإن كانت بعيدة أو مرتفعة يبلغها الماء مرة بعد الوفاء ومرة لا يبلغها، أو لا يطول مقامه عليها، لم يجز شرط النقد وكانت كأرض المطر. وإن كانت مبسوطة لا يخطئها الماء إذا وفى ويقيم على المعتاد، جاز اشتراط النقد، ومنعه حتى يجري عليها الماء، فراعى النادر. عمر بن عبد العزيز
وكذلك أرض المطر إذا كانت مأمونة وإنما تخطئ في نادر السنين، جاز اشتراط النقد على قول ولم يجز على قول مالك حتى يجري عليها الماء، وإن كانت كثيرا ما تخطئ لم يجز شرط النقد. عمر بن عبد العزيز
وقد تكون الأرض ذات نشوع يكفيها قليل الماء فإن كثر فسد الزرع، فإن كان الغالب السلامة جاز شرط النقد، وإن كان كثيرا ما تفسد لم يجز.
وكذلك أرض النهر إن كان كثيرا مأمونا بتلك الأرض جاز شرط النقد، وهي حينئذ آمن من النيل قبل إتيانه; لأن هذا موجود وذلك حين العقد معدوم، وقد لا يأتي وهي بمنزلة أرض النيل بعد وفائه، وإن كان غير مأمون لم [ ص: 5089 ] يجز النقد.
وإن كانت ذات بئر، وكان مأمونا أو غير مأمون، فإن أصلح وفاء بشرط الإصلاح جاز النقد. وإن كانت غير مأمونة بعد الإصلاح، أو قال المكري: لا أصلح، لم يجز العقد، بخلاف أرض المطر; لأن أرض المطر يرجى أن يأتي منه ما فيه وفاء.
كأرض النيل إذا رويت. وكذلك إن كانت لا يكفيها والغالب أن قليل المطر بعد هذا يكفيها. وإن كانت الأرض غرقة وكان انكشافه مأمونا لأن له موضعا يسيل منه فإذا خرج عنها كان فيه غنى عن سواه، جاز شرط النقد
وإن كان انكشافه غير مأمون، جاز العقد، فإن انكشف عنها وجب النقد على قول إذا كان الذي أقام عليها كافئا، كأرض النيل إذا لم يشترط النقد حين العقد ثم رويت. مالك