الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل فيما إذا كان القراض على النصف، ثم تراضيا على أن يكون القراض على الثلثين لرب المال أو للعامل

                                                                                                                                                                                        وإذا كان القراض على النصف ثم تراضيا على أن يكون على الثلثين لرب المال أو للعامل جاز ذلك إذا لم يعمل بالمال.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا عمل ولم ينض فقال ابن القاسم في المدونة: لا بأس به.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب: لا يجوز ذلك، واتهم من كان منه الزائد أن ذلك ليس على وجه المعروف، وأن ذلك إن كان من رب المال ليجبر به الخسارة إن كانت، وألا يفاصله في الربح إن كان فيه ربح، وإن كان من العامل أن ذلك ليقره في يده ولا ينتزعه منه، وإن عمل ونض المال ولم يكن فيه ربح ولا خسارة جاز على القولين جميعا، وإن كان فيه ربح لم يجز، فإن كانت الزيادة من [ ص: 5240 ] العامل اتهم أن يكون ذلك ليقر المال في يديه، وإن كان من صاحب المال اتهم أن يكون ذلك ليتجر له في المستقبل، ولا يفاصله في الربح إلا أن يتفاصلا عند ذلك فيجوز قولا واحدا.

                                                                                                                                                                                        وإن كان في المال خسارة لم يجز أن تكون الزيادة في الجزء من صاحب المال; لأن القصد في ذلك أن يتجر له ليجبر به الخسارة، وإن كانت الزيادة من العامل كان أخف; لأن صاحب المال لو لم يزده لا يرغب في رجوعه إليه بخسارته، والقصد من العامل المعروف مع صاحب المال يجبر له الخسارة ويزيده في الجزء إن كان فيه ربح.

                                                                                                                                                                                        فإن نزل ذلك كان في جميع هذه الوجوه المتقدم ذكرها أنها مجموعة في الربح والخسارة على ما كان عليه قبل ذلك: لا يتغير الجزء إن كان ربح ولا يضمن أحدهما للآخر خسارة إن كانت.

                                                                                                                                                                                        وإذا كانت الزيادة جائزة على قول ابن القاسم وكانت من صاحب المال كان حوزا من العامل إن فلس صاحب المال أو مات.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إن كانت من العامل ففلس أو مات، فقيل: يبطل لعدم الحوز. وتصح على القول أن الهبات لا تبطل إذا لم تكن تهمة; لأن التراخي كان لأنه لم يأت وقت المفاصلة، وهو أحسن. [ ص: 5241 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية