الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل في مدة السفر الذي تقصر فيه الصلاة

                                                                                                                                                                                        واختلف في مدة السفر الذي تقصر فيه الصلاة، وفي الموضع الذي يبتدأ منه القصر إذا خرج، أو يبقى فيه على القصر إذا رجع، وفي المدة التي إذا أقامها بموضع ينقطع بها حكم السفر، وفيمن أخذ في السفر ثم رجع لحاجة أو لغيرها قبل مضي مدة تقصر فيها الصلاة - هل يبقى على حكم السفر؟

                                                                                                                                                                                        فأما مدة السفر فقال مالك مرة: يومان. وقال: يوم وليلة. وهو راجع إلى قوله: يومان; لأن السفر ليلا ونهارا أشد من سفر نهارين بغير ليل.

                                                                                                                                                                                        ثم ترك ذلك، وقال: يقصر في ثمانية وأربعين ميلا، وهو قول ابن عباس. فإذا حمل قوله في اليومين للسفر بالإبل والتجارة وأصحاب الأحمال كان موافقا للأول; لأن السفر المتوسط منهم في يومهم أربعة وعشرون ميلا.

                                                                                                                                                                                        وقال في العتبية فيمن خرج إلى ضيعة على خمسة وأربعين ميلا: يقصر، وقال في المبسوط: يقصر في أربعين ميلا، وقال ابن القاسم في العتبية: إن قصر في ستة وثلاثين ميلا فلا إعادة عليه.

                                                                                                                                                                                        وقال يحيى بن عمر: يعيد أبدا. وقال عبد الله بن عبد الحكم: يعيد في [ ص: 463 ] الوقت، وإن قصر في دون ذلك أعاد وإن ذهب الوقت; لأنه غير مسافر; لأنه لم يختلف فيه. يريد: لم يختلف المذهب، وقد اختلف الناس فيه.

                                                                                                                                                                                        وثبت عن ابن عمر أنه كان يقصر في ثلاثين ميلا.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في المبسوط في مسافر البحر: لا يقصر حتى ينوي اليوم التام; لأن الأميال والبرد لا تعرف في البحر.

                                                                                                                                                                                        وفي السليمانية في النصراني يقدم من مصر يريد القيروان فأسلم بقلشانة - أنه يتم. قال: لأن الباقي من سفره لا يقصر فيه، وإنما وجب عليه الفرض من قلشانة. وعلى قوله لا يقصر من احتلم من الصبيان أو حاض من النساء إلا أن يكون الباقي من سفرهما ما تقصر فيه الصلاة; لأن صلاة الصبي إن كان يصلي قبل ذلك تطوع، وفي المرأة تسافر وهي حائض ثم تطهر في بقية سفرها ولم يبق منه ما تقصر في مثله الصلاة - نظر.

                                                                                                                                                                                        ولو كان مجنونا فأفاق لنظر الباقي من سفره هل يقصر في مثله أم لا؟

                                                                                                                                                                                        [ ص: 464 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية