الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في ذهاب الأحمال بسرقة أو غصب]

                                                                                                                                                                                        فإذا ذهبت الأحمال بسرقة أو غصب كان على المكتري خلفها ولم يتعين. وقد تقدم ذكر الاختلاف في ذلك.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا هلكت من قبل الدابة فقال ابن القاسم: ليس عليه [ ص: 5206 ] خلفها. قال ابن حبيب: وكذلك إن دعا إلى ذلك صاحب المتاع وأبى المكتري لم يلزمه حمله. وقال غيره: على صاحب الحمل أن يخلفه وليس مثل السفن فلا ضمان على أصحاب الدواب فيما كان من سبب عثار، ولهم على أصحاب المتاع أن يحملوهم حتى يبلغوا الغاية.

                                                                                                                                                                                        يريد: إذا كان الكراء مضمونا فيأتي المكري بدابة غير عثور ويخلف الآخر الحمل. وإن كانت الدابة معينة لم يكن على صاحب المتاع أن يخلفه على عثور.

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد القول أن لا خلف، هل يغرم كراء الماضي؟ فقال مالك: لا كراء له، قال: والذي يحمل من السوق على عنقه، أو دابته فينكسر ما عليه أو يحمله إلى بلد فيعثر البعير أو الدابة، سبيله سبيل السفن لا كراء له; لأنه حمل على البلاغ.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن نافع في السفن: له بحساب ما بلغت. فأجاز مالك البلاغ في البر عن نفسه أو على دابته في المدينة أو في السفر، وهي جعالة [ ص: 5207 ] فيها على الوجوب، وإن أتى من سبب الحمال أو كانت من عند المكتري، كان عليه أن يخلف ما أفسد.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا كانت من عند المكري كالدابة يؤتى من سببها. وقال ابن القاسم فيمن استأجر على حمل صبي وهو عبد، وأسلمه إلى المكري فساق به فعثرت الدابة فسقط فمات: فلا شيء عليه إلا أن يعنف في السوق. وكذلك البيطار يطرح الدابة فتعطب، فلا شيء عليه إذا فعل كما يفعل البياطرة.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا خرج عن ذلك قليلا، هل يضمن; لأنه أخطأ فيما أذن له فيه؟ وإن كان يرى أنه عمد أو عن تفريط ضمن. وكذلك الصبي إذا زاد في السوق قليلا كان خطأ. [ ص: 5208 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية