فصل [في المقارض يموت وعنده ودائع وعليه ديون]
وإذا مات العامل ولم يوجد المال كان في ذمته. هذا قول مالك وابن القاسم.
واختلف في فعلى القول ألا تكون في ذمته إن لم توجد بعد الموت لا يكون القراض في الذمة، والقراض أبين في هذا الوجه من الوديعة; لأن الوديعة إن لم توجر حمل على أنه تسلفها [ ص: 5315 ] وذلك الغالب، بخلاف القراض؛ لأنه مأذون له في التجربة، فكان محمله على أنه كان يتجر فيه لربه حتى يثبت تعديه فيه بأنه كان يتجر فيه لنفسه أو أهلكه. الوديعة هل تكون في ذمة المودع أم لا؟
ولا يحسن أن يمضي رجل بقراض فيموت بالعراق أو بخراسان ولا يدري ما حدث عليه فيه فيباع عقاره في المغرب مع أن الغالب أن الغريب عند الموت يفرق أمواله لمن يرى أنه يوصلها خوف أن يأخذها أصحاب المواريث في الموضع الذي هو فيه، ولا يقدر على الإشهاد عليهم خوف الظهور عليها، ولا يفعله حينئذ أحد ببينة خوف أن يظهر عليه فيطلب بأكثر منه.
وأمره عند الموت فيه متردد بين أن يكون هلك أو أعطاه لمن يوصله فلم يفعل، أو هلك من قبضه، وإذا كان كذلك لم يغرم بالشك، وإن خلف مالا ولم يكن معه مال لنفسه كان محمله على أنه من القراض قليلا كان أو كثيرا إلا أن يكون من الكثرة ما لا يشبه أن يكون على القراض بحال، فيكون لصاحب القراض ما يشبه أن يكون من ماله الزائد ميراث عنه، وإن كان معا لعامل مال يخصه وعلم قدره، ثم وجد المالين مختلطين وكان فيه ربح، فض الربح على قدر المالين على قدر ما يقول من سافر معه أنه يربح في كل صنف كان معه، وإن جهل معرفة البيع فض على قدر المالين وكذلك الخسارة إذا لم يكن في المال الموجود وفاء بالتجارتين، وعلم أنه خسر في أحدهما حملت الخسارة عليه، وإن لم يعلم فضت على قدر المالين، وإن لم يعلم حقيقة المال الذي بخاصته وعلم قدره ونحوه كان شريكا في الربح والخسارة بما لا يشك أنه كان له، وإن لم يعلم قدره وكان في سلع القراض ربح بدئ بمال القراض ومما يرى أنه ربح فيه، والباقي ميراث عن العامل.
[ ص: 5316 ]