الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في شهادة الطارئ مجهول الحال]

                                                                                                                                                                                        العدالة تطلب من الشاهد مع القدرة عليها، فإن كان طارئا وتعذرت [ ص: 5379 ] معرفة حاله وموضعه، من العدالة أو الجرح، وكانت شهادته في مداينة أو مبايعة، جرت في الموضع الذي قدم إليه لم تجز شهادته، وإن كانت مع عدم معرفة العدالة بأمر جرى بين المتنازعين في السفر. [ ص: 5380 ]

                                                                                                                                                                                        [باب في التجريح]

                                                                                                                                                                                        الجرح يسمع في الرجل المتوسط العدالة، ويسمع في الرجل المبرز في العدالة، المعروف بالصلاح والفضل، من باب العداوة أو الهجرة أو القرابة، أو ما أشبه ذلك.

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يقبل فيها لجرح من وجه الإسفاه؟ فمنعه أصبغ في كتاب ابن حبيب. وأجازه سحنون في العتبية، وقال: يمكن الخصم من تجريح الرجل البائن الفضل. ولم يفرق بين جرحه بالإسفاه ولا غيرها.

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد القول بقبول تجريحه، ممن يقبل ذلك على أربعة أقوال: فقال سحنون: لا يقبل ذلك إلا من الرجل المبرز في العدالة. وقال عبد الملك بن الماجشون: يجرح الشاهد ممن هو مثله وفوقه، ولا يجرح بمن هو دونه، إلا بالعداوة والهجرة، وأما بالإسفاه فلا.

                                                                                                                                                                                        قال محمد بن عبد الحكم: إذا كان الشاهد بين العدالة، لم يقبل جرحه إلا أن يكونوا معروفين بالعدالة وأعدل منه، ويذكرون ما جرحوه به، فأما ما يثبت بالكشف عنه، فلا يقبل تجريحه لأهل العدالة البينة. وقال مطرف: يجرح الشاهد بمن هو مثله وفوقه ودونه، بالإسفاه والعداوة. [ ص: 5381 ]

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: وهذا أحسن; لأن الجرح مما يكتمه الإنسان من نفسه، فيطلع عليه بعض الناس، وهي شهادة وعلم عنده يؤديه، مثل سائر الشهادات، والاستحسان أنه إذا كان الشاهد ليس بالمبرز، قبل جرحه من عدل من غير مراعاة له، هل هو مثله أو دونه؟ وإذا كان مبرزا قبل من مبرز كان أيضا مثله أو دونه. ويسأل المجرح بماذا جرحه؟ فإذا ذكر وجها لا يمكن أن يخفى مثله عن الناس، ولا يشبه أن ينفرد ذلك بمعرفته، لم يقبل ذلك منه، وإن كان مما يخفى مثله قبل من مجرحه وقلد ذلك.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية