الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في انفراد النساء بالشهادة]

                                                                                                                                                                                        فأما شهادة النساء بانفرادهن، فتجوز فيما لا يطلع عليه الرجال، قال محمد: تجوز شهادة امرأتين بغير يمين، إذا كانتا عدلتين فيما لا يطلع عليه الرجال، كالولادة والاستهلال والسقط، وعيوب الفرج في الإماء [ ص: 5428 ] والحمل والحيض والرضاع.

                                                                                                                                                                                        قال أصبغ: وما تحت الثياب والشهادة في الولد على ثلاثة أوجه: على نفس الولادة، وعلى الاستهلال، وعلى أنه ذكر، فتجوز شهادتهما على الولادة مع وجود الولد، أن هذه ولدته.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا لم يكن الولد موجودا، فأجازها ابن القاسم. ومنعها ربيعة وسحنون. وأرى إن كانت المناكرة بقرب الولادة أن لا تقبل الشهادة; لأنه يقدر على إظهاره وإن كان مقبورا، وإن كانت الشهادة بعد طول الأمد، وإنما احتيج إليها الآن عند قدوم من أنكر الولادة، أو قالت الأم كنت مقرا به وجحدت الآن، كانت الشهادة جائزة، وإن شهدتا على الاستهلال جازت الشهادة إذا كان البدن حاضرا، إلا أن يقال: إن مثل ذلك لا يستهل; لأنه لم يتم خلقه، وإن لم يوجد البدن عاد الخلاف المتقدم، إلا أن يكونا متفقين على الولادة، وإنما الخلاف في الاستهلال فتقبل الشهادة وإن عدم الولد.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا شهدتا على أنه ذكر على ثلاثة أقوال: فقال ابن القاسم: [ ص: 5429 ] يحلف المشهود له مع شهادتهما ويستحق. فأقامهما ها هنا مقام شهادة رجل; لأن كونه ذكرا مما يطلع عليه الرجال والنساء، وهي شهادة على ما ليس بمال يستحق بها مال. وقال أشهب: لا تجوز شهادتهن. ومر في ذلك على أصله في الشهادة على ما ليس بمال يستحق بها مال، وقد تقدم. وقال أصبغ: إن فات أمره بالدفن وطال مكثه، حتى لا يمكن إخراجه؛ لتغيره، نظرت فإن كانت فضل ذلك المال ترجع إلى بيت المال، أو إلى العشير البعيد أجزت الشهادة، وإن كان يرجع إلى بعض الورثة دون بعض أخذت بقول أشهب، قال محمد: وذلك سواء; لأن حق بيت المال كحق أقرب الورثة، ولو عدمت البينة ومات رجل عن زوجة حامل وبنت وعاصب، فوضعت الزوجة وقالت البنت والزوجة كان غلاما، وقال العاصب كانت [ ص: 5430 ] أنثى، فعلى قول الزوجة والابنة تكون الفريضة من أربعة وعشرين، للابنة من ذلك أربعة عشر سهما، منها سبعة عن الأب وسبعة عن الأخ، وللزوجة الثمن عن الزوج وهو ثلاثة، والثلث عن الولد وهو خمسة إلا ثلثا، والباقي على قوليهما للعاصب وهو سهمان وثلث. وعلى قول العاصب إنها أنثى يكون للزوجة الثمن وهو ثلاثة، وللابنتين الثلثان فذلك تسعة عشر، والفاضل على قوله عن الزوج خمسة، وعن الابنة سهم وثلث، الجملة ستة وثلث، وقد قبض بتسليم الورثة الأم والبنت سهمين وثلثا، فالمتنازع فيه على قولهم أربعة إلا ثلثا، يتحالفون فيها تقسم بينهم على قدر دعواهم، فالعاصب يقول: جميعها إلي، والزوجة والابنة يقولان: جميعها لنا، فيأخذ العاصب نصفها، ثم تقسم الزوجة والبنت النصف الآخر نصفين.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية