باب هل يغرم الغاصب الغلات إذا اغتل هو أو غيره وإذا منع الغاصب الانتفاع به ولم يغتل والحكم في نفقته عليه وسقيه وعلاجه والحكم في الولد؟
واختلف في على خمسة أقوال، فروى غرم الغاصب على المغصوب أشهب وعلي بن زياد عن أنه يغرم الغلة؛ أي صنف كان المغصوب دارا أو أرضا أو نخلا أو شاة أو عبدا أو دابة أو غير ذلك وسواء استعمل ذلك أو آجره . مالك
وذكر عن أبو الحسن ابن القصار أنه قال: لا شيء عليه؛ أي شيء كان المغصوب ديارا أو عقارا أو غيرها . مالك
وقال عنه: يغرم غلة الرباع والغنم والإبل ولا يغرم غلة العبيد والدواب . ابن القاسم
وقال أيضا: يغرم غلة ما استغل ولا يغرم ما استعمل .
وقال ابن المعذل: يغرم غلة ما لا يسرع إليه التغيير كالديار والأرضين والنخيل، ولا يغرم غلة ما يسرع إليه التغيير كالعبيد والحيوان؛ لأن الديار مأمونة فكأنه لم يضمن شيئا والعبيد والحيوان الخوف فيها قائم فسقط الكراء [ ص: 5788 ] من أجل ضمانه، واحتج من منع رد الغلة جملة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: فحمل الحديث على عمومه في الغصب وغيره، وحمل الحديث من خالف ذلك على من وضع يده بوجه شبهة دون من كان متعديا. "الخراج بالضمان"
قال في كتاب محمد: ولو حكم بذلك للغاصب لم يكن في ذلك أدب، وإنما هم مغتصبون والغاصب للرقاب وللغلات؛ لأن الغصب لا ينقل الملك، وهو كل يوم غاصب، ولهذا حد إذا أصاب الجارية وإن كانت في ضمانه، وإذا كان ذلك وكان طلوع الغلة وهي على ملك المغصوب منه كانت الغلة للمالك، واحتج من نصر هذا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أشهب . يريد: أن "ليس لعرق ظالم حق" . وقيل: لعرق على الإضافة ليس لعرق ظالم حق، والعروق ما أحدثه الغاصب من بناء أو غرس أو حفر لا ما أخذه منه، وهذا أشبه بالحديث ولا وجه لما قال الظالم هو الغاصب، ولا حق له في المغصوب في غلة ولا غيرها ابن المعذل لاتفاق المذهب على أن مشتري الدار والأرض لا يرد [ ص: 5789 ] غلتها إذا رد بعيب أو استحق، وكذلك تفرقة ابن القاسم بين ما استغل أو آجر القياس أن جميع ذلك سواء؛ لأن جميع ذلك خراج وداخل في الحديث في المشتري دون الغاصب، وأما تفرقته بين الإبل والغنم والبقر والعبيد والرقاب فذلك راجع إلى التفرقة بين ما استعمل أو استغل؛ لأن غلة الإبل والبقر والدواب والغنم يطلع فيها ثم يأخذه فأشبه إذا اغتل العبد ولم يستعمله.