فصل فيمن استعار ثوبا فضاع يضمنه أم لا؟
وهو في الثياب على سبعة أوجه: إما أن يدعي ضياعها أو يأتي بها وقد أبليت أو فيها خرق أو حرق نار أو سوس أو قرض فأر أو يدعي الرد فإن ادعى الضياع لم يصدق. واختلف إذا شهدت بذلك بينة فقال عن ابن القاسم ألا ضمان عليه وبه أخذ مالك: ابن القاسم وعبد الملك وروى عنه وأصبغ، أنه ضامن وبه أخذ واحتج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أشهب صفوان: " . "بل عارية مؤداة
والأول أحسن; لأن العارية لم تنقل الملك، ومصيبة كل ملك من مالكه، وقياسا على المخدم إلا أن يكون يد الثاني بغير إذن من المالك بالغصب والتعدي، وأما الحديث فإن في بعض طرقه: فإن صفوان قال: أغصبا يا محمد: [ ص: 6029 ]
فقال - صلى الله عليه وسلم -: ، وقال أيضا: "بل عارية مؤداة" ، أي: ليس أخذها على الغصب، وليس يتضمن الحديث ضمانا ولا رد العوض، وإنما يتضمن رد العارية بنفسها، "مردودة" قال الله -عز وجل-: ومن استعار شيئا فرده بعينه فقد أداه، ومن أدى فقد رد، إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها [النساء: 58] وقال -عز وجل-: ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك [آل عمران: 75] ومعلوم أنه لم يرد بهاتين الآيتين أن يؤدوا الأعواض عنها، وإذا كان الأداء يقع على رد الأعيان لم يكن في الحديث حجة أنه فإن قيل: في بعض طرقه أنه قال: يضمن العوض إذا قامت البينة، قيل: يعارضه قوله عليه السلام: عارية مضمونة، وأيضا فقد روي أن بل عارية مؤداة، صفوان قال: ، فلو كان إطلاق العارية يقتضي الضمان لم يفرق بين الموضعين وأيضا فإنه لو اتفقت الأحاديث على أنه قال مضمونة لكان ذلك لأجل الشرط الذي اشترط أعارية مضمونة أو عارية مؤداة فقال - صلى الله عليه وسلم -: "بل عارية مؤداة" صفوان ليس لأجل موجب الحكم عند عدم الشرط وقد يشترط [ ص: 6030 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك نظرا للمسلمين للضرورة التي كانت بالناس للأدراع والسلاح لحرب حنين.