باب في شهود الزنى هل يتعمدون النظر؟ ومن قذف رجلا ثم ادعى أن المقذوف عبد أو أمه أمة
ومن المدونة قال وإذا ابن القاسم: قال: وكيف يشهد الشهود إلا هكذا . شهد أربعة بالزنى، وقالوا: إنا تعمدنا النظر،
يريد: أن ليس محمل ما أجيز من الشهادة على أن ذلك كان عن غير عمد وإن تعمد النظر لا تبطل الشهادة لما كان المراد إقامة حق .
وهذا أحسن فيمن كان معروفا بالفساد، وأما من لم يكن معروفا بذلك ففيه نظرة فيصح أن يقال: لا يكشفون عن ذلك ولا يطلبون تحقيق الشهادة لما ندبوا إليه من الستر، ولأنهم لو تبين ذلك لهم لاستحب لهم أن يبلغوا الشهادة، ويصح أن يقال: يكشفون عن تحقيق ذلك، فإن قذفه أحد بعد اليوم بلغوا الشهادة فلم يحد القاذف، والستر أولى; لأن مراعاة قذفه من النادر .
ومن المدونة قال فيمن قال لرجل: يا زاني، ثم قال: لا يحد [ ص: 6226 ] نسأله البينة على أنه حر أو على أن أمه حرة أن القاذف يحد، ولا ينظر إلى قوله، قال مالك ومن يعرف الشامي والبصري والإفريقي ها هنا مالك: بالمدينة، والظالم أحق أن يحمل عليه . يريد: إذا كان المقذوف طارئا.
ويختلف في ذلك إذا لم يكن طارئا، فقال في مختصر ما ليس في المختصر فيمن إنه إن كان بقرية فيها اليهود والنصارى مثل قال لرجل يا ابن الزانية ، وقد هلكت أمه: مصر والشام أقام المقذوف البينة أن أمه لم تكن يهودية ولا نصرانية، فإن كان بقرية ليس فيها مثل ذلك مثل مكة والمدينة- حد القاذف ولم يكن على الآخر أن يقيم البينة .
قال الشيخ: ويلزم على هذا إذا كان بمكة والمدينة أن يقيم البينة أنها حرة; لأن الإماء يولدن في كل بلدة.
والمعروف من قوله في هذا الأصل أن الناس على الحرية والإسلام الآباء والأمهات والبينة في ذلك على القاذف وهو قول وبالأول أخذ ابن القاسم [ ص: 6227 ] أشهب.
واختلف في هذا الأصل، فقيل في البينة تشهد على رجل بالزنى أو بمال، فيقول المشهود عليه: يثبتون أنهم أحرار، فقال ليس ذلك عليهم، ابن القاسم: في الشهادات كلها أنهم أحرار إلا أن يقيم المشهود عليه البينة أنهم عبيد مالك . وأصل الناس عند
وقال لا يقام بها حق إلا أن يثبتوا أنهم أحرار، وهذا هو أحد قولي أشهب: في قوله: يثبت أن الأم مسلمة ليست يهودية ولا نصرانية ، وينبغي على هذا أن يسألهم هل هم مسلمون؟ واعترافهم بالإسلام يجزئ، وكل هذا راجع إلى النادر والقليل، هل يراعى أم لا؟ فراعاه مالك مرة ومرة رآه في حكم العدم. وهو الصحيح من القول. مالك
واختلف فيمن فقال قذف رجلا فأقام القاذف شاهدين على المقذوف أن القاضي حده في الزنى محمد: لا يخرج القاذف من الحد ويحد هو والشاهدان حد الفرية، إلا أن يقيم أربعة يشهدون أن الوالي حده في الزنى. قال وهو قول وأصحابه . وقال مالك قال الله تعالى: مالك وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين [النور: 2] قال وكذلك الأمة تقذف بعد العتق، فيقيم القاذف البينة أن سيدها أقام عليها حد الزنى فيسقط الحد عن [ ص: 6228 ] القاذف . قال ابن القاسم: وكذلك لو أقام القاذف أربعة أن سيده باعه إذ كان عبدا، وتبرأ من زناه وإن شهد في ذلك أقل من أربعة لم أر على الشهود حدا; لأنهم لم يشهدوا على رؤية . عبد الملك بن الماجشون:
وفي كتاب عن ابن حبيب مثل ذلك أنه قال: لا يحدان; لأنهما لم يشهدا على رؤية . مالك
وقال إذا أتى القاذف بشاهدين أن السلطان ضرب المقذوف الحد في الزنى فلا حد على القاذف وقد خرج مما قال. أبو مصعب:
والخلاف في موضعين:
أحدهما: هل يسقط الحد عن القاذف بشاهدين أن القاضي حده في زنا؟
والثاني: إذا لم يسقط الحد عن القاذف هل يحد الشاهدان؟
وفي القول الأول الحد على القاذف والشاهدين، وفي القول الثاني يحد القاذف وحده، وفي القول الآخر لا حد على واحد منهما . وهو أبين ألا حد على الشاهدين; لأنهما لم يشهدا على زنى، وإنما شهدا على قضاء القاضي، [ ص: 6229 ] وهما يقولان: نحن لا ندري هل حكم بحق أم لا، ولا هل شهدت البينة بحق أو بباطل؟
وأن لا حد على القاذف أبين; لأنه موضع مختلف فيه هل يبرأ بتلك البينة؟ فيدرأ الحد للاختلاف، ومن هذا الأصل أن يشهد شاهدان على حكم قاض إلى قاض أنه قضى على فلان بشهادة أربع شهدوا عليه بالزنى.
واختلف فيه هل يحد المشهود عليه أم لا؟ ويختلف بعد القول أنه لا يحد المشهود عليه أم لا هل يحد الشاهدان؟