باب في صفة الرجم
قال ويرجم الثيب بالحجارة، محمد: ترجم بالحجارة التي ترمى بمثلها، وأما الصخور العظام فلا يستطاع الرمي بتلك .
قال الشيخ - رضي الله عنه -: ولا يرمى بالصخور وإن كانت مما يستطاع الرمي بها; لأنها تشوه به ، وإنما الرمي بالحجارة، ولا تكون صغارا مما تؤدي للعذاب ولا تجمر، ولا يختص الظهر بالرجم، ويختص به المواضع التي هي مقاتل : الظهر وغيره، ومن السرة إلى ما فوق، ويجتنب الوجه، ولا يضرب في رجليه إذا لم يحفر له ولا في ساقيه ولا يديه; لأن ذلك تعذيب، وليس ذلك بمقتل، ويجرد أعلى الرجل، ولا تجرد المرأة.
واختلف في الحفر، فقال في المدونة: لا يحفر له، واستشهد بالحديث: مالك فلو كان في حفرة ما حنى عليها . قال: ولا يربط . [ ص: 6181 ] فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة،
وقال في كتاب مالك محمد: . وقال لا يحفر للمرجوم ولا للمرجومة وإن حفر له فأحب إلي أن تخلى يداه، وإن لم يحفر له لم أر به بأسا، قال: والأحسن عندي ألا يحفر له . فرأى ذلك واسعا واستحب ألا يحفر. وقال أشهب: يفعل الإمام من ذلك ما أحب. وقال ابن وهب: في كتاب أصبغ ابن مزين: أستحب الحفر وترسل يداه يتقي بهما عن وجهه.
وكذلك وقال اللص والمحارب إذا صلب حيا ليطعن ترسل يداه، قال بعض أصحابنا: لا يحفر للمقر; لأنه إن هرب ترك، ويحفر للمشهود عليه; لأنه إن هرب لم يترك. ابن شعبان
قال الشيخ - رضي الله عنه -: قول في ذلك حسن; أن للإمام أن يفعل من ذلك ما أحب، لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن وهب فأخرج أنه رجم ماعزا ولم يحفر له وحفر للغامدية وكانت اعترفت بالزنى، مسلم . وفي حديث آخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بها فحفر لها إلى صدرها ثم رجمت . أنه شكت عليها ثيابها
يريد: ستر ما ظهر عن الحفرة. وقيل هل يبدأ الإمام بالرجم [ ص: 6182 ] إذا كان إقرار أو حمل، أو إذا كانت بينة فبالشهود؟ فقال: الرجم حد مثل القتل والقطع- يأمر بذلك الإمام . لابن القاسم:
قال الشيخ -رحمه الله-: لو فعل ذلك، وقدم إلى البينة أنهم يبتدئون بالرجم وبإراقة دمه لكان حسنا; لأن ذلك يؤدي إلى التثبت في الشهادة، وأدائها على حقيقتها.
وأما الإقرار فإنما يحتاج فيه إلى أن يبدأ الإمام على مذهب عبد الملك أنه إذا اعترف عند الحاكم ثم رجع عن إقراره أنه يأخذه بعلمه. وأما على قول وسحنون، مالك فلا; لأنه إن كان متماديا على إقراره لم يحتج إلى بداءة الإمام، فإن رجع لم يؤخذ إلا بالبينة أنه كان أقر بشهادة اثنين أو أربعة على الاختلاف في ذلك، وإذا عاد الأمر إلى الشهادة استحب بداءة البينة، وتصح بداءة الإمام في الحمل; لأنها مسألة اختلاف: إذا ادعت أن ذلك كان بوجه شبهة فلم تصدق، فيبتدئ الإمام الذي يقلد ألا تصدق ، ولم يخف في اجتهاده ذلك، وكل هذا استحباب. وابن القاسم
وقال في الإمام يدعو إنسانا إلى الرجم أو القطع: إنه إذا كان الإمام عدلا فليقطعه ، ولا يكشف عن صحة ذلك، قال: ألا ترى أن ابن القاسم - رضي الله عنه - عمر بن الخطاب لو قالا اقطع يد هذا فإنا قضينا عليه [ ص: 6183 ] بالسرقة لكان يسعه أن يفعل، وإن كان الإمام غير عدل لم يقطعه إلا أن يتضح له أنه حكم بحق . وعمر بن عبد العزيز
ومن المدونة قال فيمن ابن القاسم إن لورثته أن يقيموا عليه البينة، ويضرب الحد . قذف رجلا فأراد أن يقيم عليه البينة بذلك، فمات المقذوف قبل أن يقيم البينة:
قال الشيخ - رضي الله عنه -: إذا كان القيام على القاذف بقرب قذفه أقيم عليه الحد، سواء قام بذلك المقذوف أو ورثته ولا يمين على واحد منهم في ذلك، وكذلك إذا أشهد المقذوف أنه على حقه في ذلك ليقوم به متى أحب، كان له ولورثته القيام في ذلك وإن طالت المدة، ولا يمين في ذلك على واحد منهم، فإن طالت المدة ولم يتقدم إشهاد، افترق الجواب، فيكون للمقذوف نفسه القيام بعد يمينه أنه لم يسكت تلك المدة على الترك، وأن ذلك كان منه على أن يقوم إن أحب، ولا قيام لورثته، وهم في ذلك بخلاف ديون ميتهم; لأن شأن الديون ألا تترك، والأعراض كثير من الناس لا يطلبها، ولا يستحسن ذكرها، ولا يحب أن يتحدث عنه أنه شتم، فإذا لم يذكر ذلك حتى مات حمل فيه على العادة الجارية من كثير من الناس. [ ص: 6184 ]
وقال لورثته أن يقوموا وإن طالت المدة ، وهذا يصح على القول إن ذلك حق لله سبحانه فلا يسقط بطول المدة. أشهب:
وقال فيمن مالك قال: إن كان ذلك أمرا معروفا أحلف ما أراد غيرها، ولا حد عليه، وعليه العقوبة . قال لرجل: يا ابن الزانية، وفي أمهاته من جداته من قبل أمه امرأة زنت، وقال: إنما أردت جدتك التي زنت،
قال الشيخ - رضي الله عنه -: وكذلك لو كانت الجدة من قبل أبيه لقبل قوله أنه أرادها. ومثله لو قال: يا ابن الزاني، وفي أجداده من غير أبيه أو أمه من قد زنى، وقال: ذلك أردت، أو قال: يا أبا الزاني، وفي ولد ولده أو ولد ابنته من قد زنى، وقال: ذلك أردت، لقبل قوله في ذلك كله، إذا حلف أنه ما أراد إلا ذلك; لأن كل ذلك أمومة وأبوة وبنوة، وكل مما يقع به التعيير. [ ص: 6185 ]