فصل [فيمن شهدوا على رجل بالزنى، فرجمه الإمام ثم أصابوه مجبوبا هل يحدهم الإمام؟]
وقال إذا ابن القاسم: كانت الدية عليهم في أموالهم مع الأدب الموجع والسجن الطويل ولا حد عليهم; لأنه لا حد على من قال لمجبوب يا زاني . إلا أن يجب بعد [ ص: 6195 ] بلوغه، فيكون على قاذفه الحد . وقال شهد أربعة على رجل بالزنى فرجم، ثم تبين أنه مجبوب في كتاب أشهب محمد: الدية على عاقلة الإمام إلا أن يقولوا: رأيناه يزني قبل أن يجب، فتكون شهادتهم ماضية، ولا حد عليهم بحال; لأنهم إن قالوا: رأيناه قبل أن يجب كانت شهادتهم ماضية، وإن قالوا بعد جبابه- لم يكن عليهم حد .
قال الشيخ - رضي الله عنه - : العقوبة والسجن في ذلك صوابا، وأما الدية فلا أراها على الشهود، ولا على الإمام; لأنه قاصر على أن يظهر ذلك من نفسه، وذلك له كالبينة العادلة ترد بها شهادة من شهد عليه.
وأما سقوط الحد إذا شهدوا عليه أنه زنى الآن وكان جبابه بعد البلوغ فصواب; لأنهم أتوا على وجه الشهادة، ولا يحمل عليهم أنهم أرادوا غير ما شهدوا عليه به، ولو كان ذلك في القذف أو المشاتمة عليه الحد ; لأنه يحمل قوله أن ذلك قبل جبابه، وكذلك إن قال له: زنيت وأنت مجبوب فإنه يحد عند فقال للمجبوب: يا زاني- ; لأنه يحمل عليه أنه أراد ما كان [ ص: 6196 ] قبل واستتر بقوله: وأنت مجبوب، كالذي قال لامرأته: زنيت وأنت نصرانية أو زنيت وأنت صبية، وقد كان ذلك منها في حال الصبا والكفر أنه يحد، وحمل عليه أنه أراد غير ذلك وكنى عنه بقوله: وأنت صبية أو نصرانية. ابن القاسم