الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في المرأة تموت من جماع الرجل]

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في الرجل يأتي امرأته فتموت من جماعه أنه إن علم ذلك كانت ديتها على العاقلة . وقال في المجموعة فيمن دخل على بكر صغيرة فعنف في وطئها، فلم تقم إلا يسيرا، فماتت: إنه إن علم أنها ماتت من ذلك فعليه الدية، وليجبر أهلها على أخذ الدية، ويكفر . وقال عبد الملك: إن كان فيها محمل للوطء فلا شيء عليه كالحجام والبيطار .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: إذا كانت كبيرة وجاء الأمر من قبلها لضعف تركيبها أو [ ص: 6222 ] لقلة خلقها فلا شيء على الزوج، وإن جاء الأمر من قبله لا من قبلها، ولم تعلم هي حاله قبل أن يصيبها، فذلك عليه، وإن كان يرى أن ذلك مما يخاف عليها- كان كعمد لا قصاص فيه، فيختلف هل تكون الدية في ماله أو على العاقلة؟ وإلا كان خطأ تحمله العاقلة إذا علم أنها ماتت منه، ولا قسامة في ذلك إذا ماتت بفور ذلك، وإن كانا جميعا يعلمان أنه يتوقع منه خوف أو يجهلان ذلك جميعا- كانا شريكين في القتل، فينبغي أن يسقط عنه نصف الدية، وإن كانت صغيرة السن كانت عليه الدية; لأن رضاها كلا رضا.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في الذي يأتي امرأته فيفضيها: عليه ما شانها، فإن بلغ ثلث الدية كان على العاقلة، وإن كان دون ذلك كان في ماله، وقد جعل بعض الفقهاء في ذلك ثلث الدية على العاقلة وجعلوا ذلك بمنزلة الجائفة .

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون: لا شيء عليه ، وقال ابن القاسم أيضا: إذا بلغ بها الحدث حتى يفيض بمذهبها وبولها حتى لا ينتفع بها فأرى عليه الدية [ ص: 6223 ] كاملة .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في المدونة: إن زنى بامرأة فأفضاها فلا شيء عليه، وإن اغتصبها فعليه صداقها وما شانها .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: أما الغصب فالجواب فيه صحيح; لأنه متعد في الوجهين جميعا في الإصابة بانفرادها فبمغيب الحشفة يلزمه صداقها، وما كان بعد ذلك من الفساد فعليه قيمته، وأما ما كان طوعا به فبخلاف ذلك، ولا ينبغي أن يرد الجواب فيها إلى ما تقدم في الزوجة إذا ماتت من جماعه، فالموضع الذي تسقط عنه الدية فيه إذا ماتت يسقط عنه في هذا الوجه الآخر ما شانها، والموضع الذي تكون عليه الدية فيه يكون في هذا [ ص: 6224 ] ما شانها ، والموضع الذي تكون عليه الدية فيه بينهما- يكون ما شانها عليهما يسقط عنه نصفه . وقال أشهب في مدونته: إذا زنى بها فأفضاها عليه حكومة.

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن، ولا فرق في ذلك بين التزويح وغيره; لأن كل ذلك بطوعها .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية