فصل [فيمن وطأ جارية لرجل أو امرأة، وقال: قد اشتريتها أو تزوجتها]
وإذا وقال: لم أبعها منه- حد ، ولم يكن اختلافهما شبهة ترفع الحد، إلا أن يثبت ما قاله الواطئ أنه اشتراها بشاهدين أو بشاهد وامرأتين. شهدت البينة على رجل أنه أصاب هذه الأمة، وقال: اشتريتها من سيدها، وكذبه السيد،
واختلف إذا ثبت ملكها للواطئ باعتراف صاحبها أو بيمين الواطئ بعد نكول السيد أو بشاهد ويمين، فقال لا حد عليهما، وقال ابن القاسم: يحدان إلا أن تشهد للواطئ بينة . أشهب:
واتفقا على أنه إذا تقدم حوز الواطئ لها قبل الرؤية أنه لا يحد وأن اختلافهما شبهة إذا قال: اشتريتها منه، وإن لم يكن حوز ينقل ملكا مثل أن ترى عنده الشهر وشبهه ولا يدرى هل ذلك بيع أو هبة أو إيداع، فإن لصاحبها أن يحلف ويأخذ أمته وقيمة ولدها إن كانت ولدت.
وقال في العتبية فيمن ادعى جارية بيد رجل، وقال الذي هي بيده: اشتريتها من سوق المسلمين، وهو مقر بوطئها وأثبت المدعي البينة أنها له - قال: يدرأ عنه الحد . [ ص: 6277 ] ابن القاسم
ولو قال اشتريتها منك ولا بينة له، لدرئ عنه الحد إذا كان ممن لا يتهم. وقال هذا خلاف ما في كتبهم ولا يعجبني . يحيى بن عمر:
وقول في العتبية أحسن; لأن محمل من استحق من يده شيء على أنه غير غاصب، وله الغلات حتى يعلم غير ذلك. ابن القاسم
وكذلك إذا قال: اشتريتها منك لم يحد; لأنه لم تشهد عليه بينة بالإصابة، وكان عنده أخف مع كونه أنه ليس من أهل التهم، وكثير من الناس لا يشهدون على البيع، فكان أخف من النكاح الذي شأنه البينات والإشهاد ، ومحمل الجواب في هذه المسائل على أن الجارية وجدت عنده في داره أو بيته ، ولو وجد معها في خراب أو في غير دار مالكها لحد، صدقه المالك على البيع أم لا، وهو في هذا بمنزلة من نقب أو كسر الباب وأخذ المتاع، ثم قال أرسلني المالك، فإنه يقطع، صدقه المالك على ذلك أم كذبه، إلا أن يكون الواطئ ليس من أهل التهم ويأتي على ذلك بعذر، مثل أن تكون له زوجة فيقول: غارت علي، فأردت كتمان ذلك عنها، فقد يعذر.
والجواب إذا أصاب أمة زوجته، وادعى شراءها مثل ما تقدم: إن كذبته حد، وإن صدقته لم يحد، وإن كذبته ثم عادت فصدقته- لم يحد، وبهذا قضى - رضي الله عنه -، وهذا حجة عمر بن الخطاب على لابن القاسم في قوله: أن لا حد على الواطئ إذا لم تشهد البينة على الوطء . [ ص: 6278 ] أشهب
واختلف في حد المرأة إذا كذبته ثم صدقته، فقيل: تحد بقذفها إياه. وقيل: لا حد عليها.
واختلف في الوجه المسقط لحدها، فقيل: لأنها بمنزلة من قذف رجلا بزوجته. وقيل: لأنها غيرة ، والغيرة تذهب بالعقل، وعلى هذا التعليل يحد المالك إذا كان أجنبيا، وقال: زنى بأمتي، ثم قال: بعتها منه. وقد يفرق بينهم وبين من قذف رجلا بزوجته; لأن قذف الرجل بزوجته لا تلحقه فيه معرة; لأنه مما يعلم كذبه، ومن قذف رجلا بأمة لم يعلم شراءها تلحق به المعرة، وكذلك لو قالت امرأة: زنى بي هذا، وقال: تزوجتها- يحد الرجل عند ; لأنه يرى الحد عليهما جميعا، فأشبه من قذف محدودا في الزنى، ولم يحد عند ابن القاسم للقذف; لأنه يقول أشهب فيمن قذف وزنى; يحد حد الزنى، ويدخل حد القذف في حد الزنى.
قال الشيخ -رحمه الله-: وسقوط الحد في جميع هذه المسائل كلها أحسن، للشبهة في تصديقه بالبيع هل أراد شراء أم لا؟