الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في العبد إذا قتل رجلا له وليان غائب وحاضر فسلمه السيد لأحدهما وقدم الغائب ، وفي العبد يقتل حرا خطأ ثم يعتقه سيده أو يبيعه

                                                                                                                                                                                        وإذا قتل العبد حرا له وليان، حاضر وغائب، فصالح الحاضر سيد العبد على أن أخذ جميع العبد عن نصيبه، ثم قدم الغائب فإن دفع إليه السيد نصف الدية أجبر على قبولها، ولم يكن له إلى القتل سبيل، ولا دخول للأول [ ص: 6300 ] على الآخر .

                                                                                                                                                                                        واختلف في دخول الغائب على أخيه، فقال ابن القاسم مرة: ليس ذلك له. وقال مرة: له أن يشاركه في نصف الدية والعبد فيكونان بينهما نصفين إن أحب . وهو أحسن، وقد تقدم القول في توجيه ذلك في كتاب الصلح.

                                                                                                                                                                                        وإن لم يدفع السيد للقادم نصيبه من الدية كان له أن يدخل على أخيه في العبد القاتل، فإن اجتمعا على عفو أو قتل كان ذلك لهما، وإن اختلفا كان القول قول من عفا بمنزلة من لم يتقدم لهما عفو ولا صلح، وإنما كان للأول أن يعود إلى القتل، وإن كان تقدم منه الصلح; لأنه إنما أسقط حقه في القتل ليكون له جميع العبد، فلما استحق من يده نصفه ولم يكن هناك ذمة يتبعها بالقدر الذي استحق كان له أن يعود إلى القتل، بخلاف أن يكون القاتل حرا لأن للولي ذمة يتبعها إذا استحق من يده بعض ما صالح عليه، وإن أسلم السيد العبد على إن لم يجز الغائب دفع إلى الحاضر نصف قيمة العبد لم يكن [ ص: 6301 ] للأخ الأول إلى القتل سبيل إن لم يجز الغائب; لأن له ذمة تتبع بذلك.

                                                                                                                                                                                        وإن صالح الأول على أن يأخذ العبد القاتل وعبدا آخر معه، ثم قدم الغائب فدفع إليه السيد نصف الدية- جاز ويسقط الدم، وكان الغائب بالخيار، إن أحب تمسك بنصف الدية ولم يدخل على أخيه، وإن أحب دخل عليه وكان العبدان ونصف الدية بينهما.

                                                                                                                                                                                        وإن لم يدفع السيد للغائب نصف الدية كان له أن يدخل على أخيه في نصف العبدين على المستحسن من القولين، وعلى القول الآخر في نصف القاتل وحده، وهذا إذا اجتمعا على العفو أو دعا إليه أحدهما، وإن اتفقا على القتل قتلا ورد الذي لم يقتل إلى سيده.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية