فصل [فيمن يقتص منه]
قول الله -عز وجل-: والأصل في القصاص في الجملة ولكم في القصاص حياة [سورة البقرة آية: 179] ، وقوله تعالى: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا [سورة الإسراء آية: 33] ، وقوله: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس [سورة المائدة آية: 45] ، ولا خلاف أن العمل في شرعنا على ما تضمنته، وقد تضمنت هذه الآيات الثلاث وجوب القصاص من غير اعتبار كون الحرم متساوية أو مختلفة، وقال الله تعالى: كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى [سورة البقرة آية: 178] فاقتضت هذه الآية وإن كان قد اختلف في القصاص مع تساوي الحرم، سبب نزول هذه الآية.
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ولا خلاف أنه لا [ ص: 6482 ] يراعى اختلاف الحرم فيه هذا أعني الذكر والأنثى، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يقتل الرجل بالمرأة" أخرجه الصحيحان "لا يقتل مسلم بكافر" البخاري والقول أن يقتص من النصراني للعبد أبين، وحرمة الإسلام أعلى من حرمة الكافر -وإن كان حرا- لقول الله تعالى ومسلم، ولعبد مؤمن خير من مشرك [سورة البقرة آية: 221] ، وأما تخيير السيد فهو الأصل; لأنه إتلاف لمال، وألا يخير أحسن; لأن في القصاص ردعا لهم، وذبا عن المسلمين وحماية، وهذا الأصل في تغليب أحد الضررين، ويقتص من النصراني للنصراني ومن اليهودي لليهودي في القتل والجراح إذا دعا إلى ذلك أولياء المقتول; لأنه من التظالم.