الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في التكبير أيام التشريق

                                                                                                                                                                                        قال مالك: التكبير أيام التشريق على الرجال، والنساء، وأهل البوادي، والمسافرين، وغيرهم من المسلمين.

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف في ثلاثة مواضع من التكبير:

                                                                                                                                                                                        أحدها: في صفته. والثاني: في عدد الصلاة التي يكبر في أعقابها. والثالث: هل يكبر في غير أعقاب الصلوات؟

                                                                                                                                                                                        فقال مالك في المدونة: يقول، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ثلاثا، وقال أيضا: ليس في ذلك حد، إن شاء كبر ثلاثا، وإن شاء أربعا، وإن شاء خمسا، وقال في مختصر ابن عبد الحكم: التكبير خلف الصلوات أن يقول، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، وإن كبر ثلاث تكبيرات أجزأه. قال: والأول أحب إلي.

                                                                                                                                                                                        قال مالك: وأول التكبير دبر صلاة الظهر من يوم النحر، وآخره في الصبح من آخر أيام التشريق، يكبر في الصبح ويقطع في الظهر.

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون: بعض أصحابنا يرون التكبير بعد صلاة الظهر من آخر [ ص: 643 ] أيام التشريق، ويحتج بالرمي، يريد لما كان الناس ذلك اليوم بمنى إلى وقت الظهر والرمي بعد الزوال.

                                                                                                                                                                                        وأما التكبير في غير أعقاب الصلوات في تلك الأيام فقال مالك في المدونة: قد رأيت الناس يفعلون ذلك، فأما الذين أدركتهم وأقتدي بهم فلم يكونوا يكبرون إلا دبر الصلوات.

                                                                                                                                                                                        وقال في موضع آخر: لا بأس بتكبير أهل الآفاق في أيام منى في غير دبر الصلوات، وأما الذين أدركت وأقتدي بهم فلم يكونوا يكبرون إلا دبر الصلوات.

                                                                                                                                                                                        وقوله هذا أحسن; لأن تكبير الناس في الآفاق اقتداء بتكبير أهل منى، وهم يكبرون دبر الصلوات وغيرها، ولا وجه إلى أن يقتدي بهم في بعض ذلك دون بعض.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب: يكبر أهل الآفاق دبر الصلوات وفي خلال ذلك ولا يجهرون، وأهل منى يجهرون في كل الساعات إلى الزوال من اليوم الرابع فيرمون، ثم ينصرفون بالتكبير والتهليل حتى يصلوا الظهر والعصر بالمحصب ثم ينقطع التكبير.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن الماجشون في المبسوط: إذا رمى في اليوم الرابع انقطع التكبير، [ ص: 644 ] وإن كان بمنى، ومن تعجل في النفر الأول فإنه يكبر بعد فرائضه مثل من لم يحج.

                                                                                                                                                                                        قال مالك: فإن نسي الإمام التكبير حتى قام وذهب، فإن كان قريبا قعد وكبر، وإن تباعد فلا شيء عليه. قال ابن القاسم: فإن ذهب الإمام والقوم جلوس كبروا.

                                                                                                                                                                                        وفي الواضحة: قال مالك في قول الرجل لأخيه في العيدين: تقبل الله منا ومنك، وغفر لنا ولك، ما أعرفه، ولا أنكره، قال ابن حبيب: لم يعرفه سنة، ولا أنكره لأنه قول حسن، ورأيت من أدركت من أصحابه لا يبدؤون به، ولا ينكرونه على من قاله لهم، ويردون عليه مثله، قال: ولا بأس عندي أن يبتدئ به.

                                                                                                                                                                                        تم كتاب الصلاة الثاني من التبصرة

                                                                                                                                                                                        وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية