فصل: لا يصلى على السقط ولا يغسل ولا يحنط
ومن المدونة قال مالك: لا يصلى على الصبي، ولا يغسل، ولا يحنط، ولا يورث حتى يستهل صارخا.
قال الشيخ -رضي الله عنه-: للسقط حالتان لا خلاف فيهما:
إحداهما: أن تسقطه ميتا لا حراك به فالحكم فيه كما قال لا يغسل ولا يحنط ولا يصلى عليه ولا يورث وإن كان قبل ذلك في البطن يتحرك. مالك:
والثانية: أن يستهل صارخا، فهذا لا خلاف فيه أن له حكم الحياة في جميع أموره وإن مات بالفور وتبين أنه لم يكن ممن له بقاء.
واختلف في الحركة والرضاع والعطاس فقال مرة: لا يكون بذلك حكم الحياة. قال مالك وإن أقام يوما يتنفس ويفتح عينيه ويتحرك لم يكن حكمه حكم الحي حتى يسمع له صوت وإن كان خفيا. ابن حبيب:
وقال في الحركة: هي بمنزلة الحركة التي كانت وهو في البطن فلا يحكم له فيها بحياة. وقيل: إذا تحرك حركة بينة، أو ارتضع، أو عطس، فله بذلك حكم الحي، وهو في الرضاع حسن; لأن الرضاع لا يكون إلا من حياة محققة، وأما الحركة فإن لم تكن بينة فلا، وقد يضطرب بعض لحم الشاة بفور السلخ، وأما الحركة البينة وما يرى أنها لا تكون إلا مع تحقق الحياة أو لطول بقائه فله حكم الحي; لأنه ليس في الصراخ أكثر من البيان على وجود الحياة، فلا فرق بين أن يكون ذلك من صوت أو غيره، والعطاس أضعفها؛ لما قيل يمكن أن يكون ريحا. إسماعيل [ ص: 670 ] القاضي
وقال أمارة الحياة الصراخ أو ما يقوم مقامه من طول المكث إذا طالت به مدة يعلم أنه لو لم يكن حيا لم يبق إليها، ولا معتبر بالحركة; لأنها لا تدل على الحياة، قال: لأن المقتول يتحرك وليس بحي. أبو محمد عبد الوهاب:
يريد: الحركة التي يمكن وجود مثلها بعد خروج النفس، ولا يختلف في ذلك، وإنما الكلام في الحركة البينة التي لا تكون إلا مع وجود الحياة، وكذلك طول المكث، فإن لم تكن حركة بينة أو عدمت ومضى من المدة ما يرى أنه لو لم تكن حياة لتغير وفسد، ولو لم يشهد ولادته من يوثق بقوله، واختلف ورثته في حياته، فقال من ينتفع بحياته: كان صرخ، وقال الآخرون: لم يصرخ، وطالت المدة لما يرى أنه لو لم تكن حياة لتغير وفسد - لكان ذلك دليلا لمن قال إنه صرخ، وأنه كان حيا، ويصلى عليه ويورث. [ ص: 671 ]