الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        واختلف في غسل أحد الزوجين الآخر مجردا، فقال مالك في المدونة: يستر كل واحد منهما عورة صاحبه، وأجاز ابن حبيب أن يغسل كل واحد منهما صاحبه بادي العورة، والأمر في ذلك واسع، إلا أن يحتاج الغاسل في ذلك إلى معونة غيره فليستر العورة بلا خلاف.

                                                                                                                                                                                        ثم ينظر فيما بعد ذلك، فإن غسل الزوج زوجته وكان المشارك له في الغسل أحدا من ذوي محارمها أعني في صب الماء، ستر جميع جسدها، فإن كانت امرأة متجالة ستر من [ ص: 692 ] السرة إلى الركبة، وكذلك إذا كانت امرأة من ذوي محارمه، ولا ينبغي أن يعاونه في ذلك أحد من ذوي محارمها من النساء إذا كانت متجالة، ويباعد بين أنفاس الرجال والنساء.

                                                                                                                                                                                        وأما غسل المرأة زوجها فلا بأس أن يشاركها في ذلك النساء في صب الماء من غير مس، أو أحد من ذوي محارمها من الرجال، وتستر منه من السرة إلى الركبة، ولا يشاركها في ذلك أحد من أولياء الرجل، إلا أن تكون الزوجة متجالة.

                                                                                                                                                                                        وأما غسل الصبي، فإن كان صغيرا، أو في الإثغار، فلا بأس أن يغسل مجردا، وأن يغسله النساء مع وجود الرجال، فإن ناهز الحلم جرى على حكم الرجل، فيغسله الرجال مستور السوءة، ولا يغسله النساء.

                                                                                                                                                                                        وأما غسل الصبية، فإن لم تبلغ أن تشتهى جاز أن يغسلها النساء مجردة، وستر العورة أفضل، ولا بأس أن يغسلها الرجال عند عدم النساء، وتستر سوءتها، وإن بلغت أن تشتهى جرت على أحكام المرأة.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا ماتت المرأة مع الرجال وليس هناك نساء، أو مات رجل مع نساء وليس هناك رجال وبينهم رحم محرم، فأجاز مالك في المدونة أن يغسل كل واحد منهما الآخر من فوق الثوب، وقال أشهب: أحب إلي في أمه [ ص: 693 ] وأخته أن ييممهما، وكذلك المرأة في ابنها، وقاله ابن نافع في المبسوط.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك: لا أرى أن يغسل زوج المرأة أم امرأته ولكن ييممها. وفرق بين أن يكون التحريم من النسب أو الصهر. وهذا أحسن، وليس ذلك في نفوس الناس كتحريم النسب، وإذا كان بينهما محرم من النسب، وغسلت المرأة الرجل، فلا بأس أن تلصق الثوب بالجسد، وتحرك الثوب وتغسل به.

                                                                                                                                                                                        وإن غسل الرجل المرأة صب الماء من تحت الثوب ولم يلصقه بها؛ لئلا يصف، ويلف على يده ثوبا كثيفا، ويمرها من تحت الثوب.

                                                                                                                                                                                        وإذا لم يكن بينهما محرم رجع إلى التيمم فتيمم المرأة الرجل، الوجه واليدين إلى المرفقين، وييمم الرجل المرأة إلى الكوعين. [ ص: 694 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية