باب في الصوم والإفطار بالشهادة، وخبر الواحد
الصوم والفطر يصح بثلاثة شروط: بالرؤية، فإن لم تكن رؤية فبالشهادة، فإن لم تكن شهادة فبإكمال العدة ثلاثين، والأصل في ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: أخرجه البخاري ومسلم، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "... "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا وانسكوا".
والصيام بالشهادة ثلاث حالات:
فحالة يصام بشهادة رجلين، وحالة لا يكتفى بشهادة شاهدين. وحالة يصح الاقتصار فيها على شهادة واحد، على اختلاف في هذين القسمين، فيصح الاقتصار على شهادة رجلين في الغيم وإن عظم المصر، وفي الصحو في المصر الصغير، واختلف إذا كان الصحو، والمصر كبير.
واختلف في مواسم الحج، هل يكتفى في ذلك بشهادة شاهدين؟ والظاهر من قول وغيره من أصحابه: الجواز، وروى مالك عن ابن وضاح [ ص: 725 ] المنع، وقال: وأي ريبة أكبر من هذا؟ ولم يرو عنه في العدد الذي يكتفى به في ذلك شيء. سحنون
وقال محمد بن عبد الحكم: رأيت أهل مكة يذهبون في هلال الموسم مذهبا لا ندري من أين أخذوه، إنهم لا يقبلون إلا أربعين رجلا، قال: والقياس أنه يجوز فيه شاهدان، كالفروج والدماء، وهذا موافق لقول في أنه لا يكتفى بشاهدين. سحنون
فوجه الأول الحديث: فعم ولم يخص، ومحمل جوابه -صلى الله عليه وسلم- على ما يكون بالمدينة وما يكون بالأمصار وغيرها إلى أن تقوم الساعة من الأمصار وغيرها، ولو لم يكن إلا قصر الحديث على أهل المدينة لكان فيه كفاية، فقد كان فيها خلق عظيم. "فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا وانسكوا"
وأما ما ذكر عن وأهل سحنون مكة فله وجهان:
أحدهما: أن الحديث مختلف في سنده.
والثانية: تقدمة القياس على لأن الغالب صدق العدد الكثير إذا قالوا: لم نر، ووهم الاثنين يصير من باب التعارض في الشهادات، ولو كان الاختلاف عن موضع واحد، حصروا النظر إليه، وأثبتوا الموضع بجدار [ ص: 726 ] أو شجرة أو ما أشبه ذلك مما يقتدى به لموضعه كان تكاذبا، وكان الأخذ بقول الجم الغفير والعدد الكثير أولى، وليس كذلك الشهادة على الفروج والدماء; لأنها شهادة واحدة، وإخبار عن أمر لم يشهده غيرهما فيدعي تكذيب ما شهدا به، ولو نزل مثل ذلك في القتل فشهد اثنان بالقتل وشهد عدد كثير بنفيه، لم يؤخذ بقول الشاهدين، إذا كانت الشهادتان عن موطن واحد. خبر الواحد;