فصل [من زال عذره في شعبان]
ومن فإن فعل صام وكان عليه أن يطعم عن تفريطه وتأخيره عن كل يوم مسكينا، وإن صح أو قدم في شوال كان في القضاء بالخيار بين أن يعجله الآن أو يؤخره ما بينه وبين شعبان، فإن أخره [ ص: 785 ] فصامه في شعبان لم يكن عليه إطعام. أفطر لمرض أو سفر ثم قدم أو صح في شعبان كان عليه أن يعجل القضاء في شعبان ولا يؤخره إلى شوال،
والأصل في جواز تأخيره حديث -رضي الله عنها- قالت: "كان يكون علي الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أصومه إلا في شعبان للشغل برسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أخرجه البخاري ومسلم. عائشة
وإن صح شهرا غير شعبان، أو أقامه بعد قدومه فلم يصمه حتى مات، كان عليه الإطعام عند مالك، وجعله مفرطا، وكذلك يجب على أصله لو حدث به مرض أو أحدث سفرا اتصل به رمضان أنه يكون عليه الإطعام، وجعله مترقبا ليس على الفور ولا على التراخي، فإن صح منه القضاء في شعبان مع القدرة على تعجيله قبل ذلك لم يكن عليه إطعام ولم يعده مفرطا، وإن مات قبل شعبان كان عليه الإطعام، ورآه مفرطا إذا لم يعجله.
وهذا نحو قول الشافعية في الحج: إنه على التراخي، فإن مات قبل أن يحج كان مأثوما.
والقياس أحد وجهين: إما أن يقال: إن القضاء على الفور، وأنه يجب عقيب زوال العذر، كالصلاة إذا نسيها أو نام عنها أنه يصليها عقيب الذكر وزوال ما [ ص: 786 ] كان فيه من نوم، فيكون مفرطا متى لم يصل، ويكون عليه الإطعام لتفريطه.
أو يقال: إن القضاء على التراخي، فلا شيء عليه قبل ذلك مما صح فيه أو قدمه عاش أو مات، فسقط أن يكون على الفور; لحديث -رضي الله عنها- وأنه بخلاف الصلاة، وإذا سقط أن يكون على الفور لم يكن عليه إطعام إذا مات قبل أن يقضي. عائشة
وقد اختلف الناس في الإطعام إذا لم يقض في شعبان، فقال القاسم بن محمد، وسعيد بن جبير، عليه الإطعام، وبه أخذ وعطاء بن أبي رباح: وأصحابه. وذكره مالك عن البخاري أبي هريرة، وقال أصحاب الرأي: لا كفارة عليه. [ ص: 787 ] وابن عباس.