باب فيما تجب به الكفارة على من أفطر في رمضان
الكفارة تجب بأربعة شروط وهو: أن يفطر بأحد الوجوه التي أمر بالإمساك عنها عامدا، غير ناس، ولا جاهل، ولا متأول.
واختلف في الكفارة إذا كان ناسيا في الجماع خاصة، وفي الجاهل في الأكل وغيره، وفي المتأول تأويلا بعيدا، وفي المتعمد بإيصال الطعام من غير مدخل الطعام، أو من مدخل الطعام مما ليس بطعام كالحصاة والدرهم، وفي المتعمد للفطر بالنية إذا ترك التبييت ولم يأكل ولم يشرب حتى أمسى، وفي الكفارة عن الفطر بالإكراه، وفي أعيان مسائل مرجعها إلى أنه هل يعد متعمدا أم لا؟
واختلف قول فيمن مالك فقال في المدونة: لا كفارة عليه، وفي كتاب جامع ناسيا عليه الكفارة، وفي المبسوط: يتقرب إلى الله سبحانه بما استطاع من الخير، وكل هذا مرجح؛ لحديث ابن حبيب: -رضي الله عنها- قالت: عائشة فحمل الحديث مرة على العمد لقول السائل: احترقت، والأشبه أن ذلك إنما يقال عند العمد; لأن [ ص: 791 ] العقوبة والعذاب بالنار إنما تكون على من تعمد، وقياسا على الأكل والشرب، وحمله مرة على عمومه; لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يسأله هل تعمد، أو جهل، أو نسي؟ وكانوا حديثي عهد بالإسلام، وليس كلهم يعرف الفرق بين أحكام الخطأ والعمد، ورأى مرة أن الأمر محتمل هل كان عن عمد أو جهل، فجعله منزلة بين منزلتين، فلم يوجب الكفارة ولا أسقطها. "جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: احترقت احترقت، فقال: ما لك؟ فقال: أصبت امرأتي نهارا في رمضان، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالكفارة..."