الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في اختلاف نية الوضوء بين الفضيلة ورفع الحدث]

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن توضأ للفضيلة ثم تبين أنه على غير وضوء هل يستبيح به الصلاة؟.

                                                                                                                                                                                        فمنع من ذلك سحنون ومحمد بن عبد الحكم، ولمالك في مثله أنه يصلي به. ورأى أشهب أنه إن فعل وصلى به أجزأه ولا يصلي به فيما يستقبل.

                                                                                                                                                                                        وقيل فيمن توضأ للصبح ونسي أن يمسح برأسه ثم توضأ للظهر للفضيلة وصلى الظهر ثم ذكر أنه نسي مسح رأسه:يعيد الصلاتين جميعا ولا يجزئه الوضوء في الثاني.

                                                                                                                                                                                        وقيل: يجزئه وله أن يصلي به الصبح.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب : يجزئه للظهر ويتوضأ للصبح. فأمضى الظهر; لأنها طهارة على قول، مراعاة للخلاف، وأمره أن يمسح رأسه لما لم يصل ليأتي بها على وجه مجمع عليه.

                                                                                                                                                                                        واختلف أيضا إذا توضأ للنوم، وللدخول على الأمير- هل يرتفع حكم الحدث فيصلي به، فقال مالك في كتاب أشهب فيمن توضأ يريد الطهر ولا يريد به الصلاة: إنه يصلي به.

                                                                                                                                                                                        قال: وربما أرسل إلي الأمير فأتوضأ أريد به الطهر ثم أصلي به . [ ص: 138 ]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب : إذا توضأ للنوم فله أن يصلي به .

                                                                                                                                                                                        وخالف أبو محمد عبد الوهاب في جميع ذلك ورأى أن من تطهر لما يصح فعله بغير وضوء لا يصلي به، ولا يرفع حكم الحدث .

                                                                                                                                                                                        وقول مالك أحسن; للحديث المتقدم أنه تيمم لرد السلام وتوضأ لدعاء ، ومعلوم أنه لم يفعل ذلك إلا لينتقل عن الحكم قبل التيمم وقبل الوضوء، وكذلك الوضوء للنوم لو كان لا تأثير له لم يأمر به، ولا أرى أن يجزئه إذا اغتسل للجمعة عن الجنابة; لأن القصد به التنظف، ولا إذا توضأ للفضيلة; لأنه لم ينو به رفع الحدث.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية