فصل [في ذكر ما نهي عنه من نبيذ الأوعية]
ثبت . عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الانتباذ في أربع: الدباء، والنقير، والمزفت، والمقير
فالنقير: ما عمل من خشب. والمزفت: ما عمل ما داخله بالزفت. والمقير: ما عمل بالقار.
والمنع في جميع ذلك حماية; لئلا تسرع بالشدة، ثم نسخ ذلك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: . [ ص: 1624 ] "نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاث، فكلوا وادخروا، ونهيتكم عن الانتباذ فانتبذوا، وكل مسكر حرام، ونهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا"
قال : إنما أريد الانتباذ في هذه الأوعية; لأنها تسرع بوجود الشدة، ثم وكلهم إلى أمانتهم فيها. مالك
فأخذ بالحديث الأول. وأخذ مالك بالآخر، وقال: ما كان بين نهيه ورخصته فيها إلا جمعة . يريد: لم يكن المنع إلا جمعة، ثم نسخ. ابن حبيب
واختلف بعد القول بمنع الانتباذ في هذه الأوعية: هل يشرب ما نبذ فيها؟ فمنع ذلك محمد ، وقال: يؤدب فيه، وفي الخليطين . وسوى بينهما في الجواب.
وقال : إن سلم من الشدة فلا بأس . وهو أحسن، وهو في هذا أخف من الخليطين; لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من النص على إباحته. أبو محمد عبد الوهاب
وقال : قال ابن القاسم في الخمر تجعل فيها الحيتان، فتصير مريا : لا أرى أكله. وكرهه . وقال مالك : هو حرام. وقول ابن حبيب أحسن; لأن الشدة ذهبت بما طرح فيه وبطول الأمد، كما لو صار خلا بشيء طرح فيه وأفسد الشدة . ولا فرق بين أن يصير خلا بنفسه أو يطرح فيه شيء فيصير [ ص: 1625 ] خلا أو مريا; لأن تلك الأعراض قد ذهبت وأخلفتها أعراض غيرها. مالك
وفي قال البخاري - رضي الله عنه - في المري: ذبح الخمر النينان والشمس . يريد: أنه إذا طرح النينان وهي الحيتان، وجعل في الشمس حتى حولته حتى صارت مريا; صار حلالا، وصار ذلك فيه كالذكاة فيما كان حراما قبل الذكاة. أبو الدرداء