الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن حلف على زوجته ألا تخرج إلا بإذنه، أو لا أذن لها

                                                                                                                                                                                        ومن حلف على زوجته، لا خرجت إلا بإذنه، فأذن لها، فلم تسمع، ثم خرجت، حنث. وإن قال: لا خرجت، إلا أن آذن لك ; لم يحنث قياسا على من حلف ليقضين فلانا حقه لأجل سماه ، إلا أن يؤخره فأخره، ولم يعلم، وانقضى الأجل:

                                                                                                                                                                                        فقال مالك : عسى أن يجزئه . وقال ابن وهب : لا يحنث. وراعى اللفظ.

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يحنث; لأنه إنما حلف أن لا يكون منه لدد في ذلك الأجل، وإذا لم يعلم ولم يقض; فقد لد. وكذلك إذا خرجت; لأنه إنما أراد أن لا تخرج إلا بطوعه.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد : فإن قال: لا خرجت، إلا بإذني، ثم قال: اخرجي حيث شئت. فخرجت; لم يحنث. وإن قال: لا خرجت إلى موضع، إلا بإذني، ثم قال: اخرجي حيث شئت. فخرجت حيث شاءت; حنث . وقيل: هو كالأول، ولا شيء عليه.

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يسأل عن نيته، فإن أراد بقوله إلى موضع معرفة الموضع الذي [ ص: 1744 ] تخرج إليه، فينظر ما يرضيه من ذلك مما يسخطه، فخرجت، ولم يعرف الموضع; حنث، وإلا فلا شيء عليه. وإن أذن لها، فلم تخرج حتى منعها، فخرجت، حنث.

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب محمد ، قال - أظنه عن مالك -: إن خرجت، ثم رجعت لحاجة ذكرتها، فأخذتها، ثم خرجت; لم يحنث. وإن رجعت تركا وقطعا، ثم خرجت; حنث .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب ابن حبيب : هو حانث، ولم يفرق، قال ابن حبيب : إن لم تبلغ الموضع الذي خرجت إليه، لم يحنث، وإن بلغته، حنث .

                                                                                                                                                                                        والقول الأول أحسن، ولا شيء عليه إذا رجعت لحاجة ذكرتها، بلغت أو لم تبلغ. وإن قال: لا خرجت إلا بإذني، فرآها تخرج، فلم يمنعها; حنث على مراعاة الألفاظ، إلا أن تكون له نية. وإن حلف: لا أذنت لك في الخروج، فرآها تخرج، ولم يمنعها، فأراد منعها من الخروج; حنث. وإن حلف، فقال: لا أذنت لك في الخروج، فرآها تخرج، ولم يمنعها، فإن أراد: فإنك لا تطيعيني، أو تخالفي مرادي، لم يحنث.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم : إن حلف لا آذنت لها، إلا في عيادة مريض، فخرجت بغير إذنه، وبغير علمه لغير عيادة مريض، لم يحنث، إلا أن يعلم، فيتركها، فيحنث، وإن أذن لها لعيادة مريض، فمضت منه إلى الحمام، ولم يعلم، لم يحنث . [ ص: 1745 ]

                                                                                                                                                                                        وإن قال: لا خرجت، إلا في عيادة مريض بإذني، فخرجت لغير مريض بعلمه، أو بغير علمه، حنث. فإن خرجت لعيادة مريض بغير إذنه، حنث، وإن قال: لا خرجت لعيادة مريض، إلا بإذني، فخرجت لغير مريض بعلمه أو بغير علمه ، لم يحنث; لأن ما سوى المريض لم تنعقد عليه يمين.

                                                                                                                                                                                        وإن خرجت لمريض بغير إذنه، حنث. وإن لم يشترط إذنه، وحلف لا خرجت إلا لعيادة مريض، فلها أن تخرج لعيادة المريض . وإن خرجت لغيره، حنث.

                                                                                                                                                                                        وكذلك، إن خرجت لعيادة مريض، ثم مضت لغيره، حنث. وإن قال: لا خرجت لعيادة مريض، خرجت لغيره بعلمه أو بغير علمه، لم يحنث. وإن مضت من هناك لعيادة مريض، حنث. [ ص: 1746 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية