فصل [فيمن للأب إجبارها وعليه استئمارها من النساء]
النساء على ضربين: بكر وثيب. والبكر على ثلاثة أوجه: غير بالغ، وبالغ غير معنسة، ومعنسة. فإن كانت غير بالغ كان للأب أن يجبرها على النكاح من [ ص: 1795 ] غير مؤامرة . واختلف إذا كانت بالغا غير معنسة، فقال في "الكتاب" أن له أن يجبرها . وقال في "كتاب محمد ": إن شاورها فذلك أحسن .
قال الشيخ -رحمه الله-: وهو أحوط للخروج من الخلاف، ويكون العقد على صفة مجتمع عليها، ولما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أخرجه "والبكر يستأذنها أبوها" . مسلم
اختلف عنه في المعنسة هل تجبر، أو لا تجبر وتكون في هذا كحكم الثيب ؟
وأن لا تجبر أحسن; لأن المعنسة يخلص إليها من العلم فيما يراد من ذلك مثل ما يخلص إلى الثيب تصاب مرة ثم تطلق، بل يتقرر في نفسها أكثر. وإذا كان كذلك كان الأمر إليها، فإن كرهت التزويج جملة لم تجبر عليه، وإن رغبت في غير من رغب فيه الأب زوجت منه إذا لم تدع إلى غير صواب.
والثيب على ثلاثة أوجه : بالغ تأيمت بعد البلوغ. [ ص: 1796 ]
وغير بالغ دخل بها قبل البلوغ ، وأراد أبوها أن يزوجها قبل أن تبلغ.
وغير بالغ ثم بلغت بعد الطلاق.
فإن كانت مدخولا بها ثم طلقت لم تجبر ولم يزوجها إلا برضاها.
واختلف فيمن دخل بها وطلقت قبل البلوغ على ثلاثة أقوال: فقال : للأب أن يزوجها بلغت بعد الطلاق أو لم تبلغ . وقال سحنون في "كتاب أشهب محمد ": تجبر قبل البلوغ ولا تجبر بعده . قال أبو تمام : لا تجبر بحال بلغت أو لم تبلغ.
وقول في هذا أحسن; لأن المرأة قبل البلوغ كارهة في ملاقاة الرجل، وإنما هي تميل إليه بعد البلوغ ، فهي الآن في معنى من يجهل الرغبة ومعرفة ذلك، فتكون قد اجتمع لها المباشرة قبل البلوغ، وما تجده الآن في نفسها، وكثير من النساء من تكون غير راغبة في الرجل بعد البلوغ، كما يوجد في بعض الرجال من يكون ضعيف الشهوة، ويقيم عزبا مع وجود [ ص: 1797 ] الطول، وإذا كان ذلك وجب أن يرجع إلى ما تدعو إليه من ذلك ولا تجبر، وإذا كانت الثيوبة بملاقاة بعد البلوغ لم تجبر قولا واحدا. أشهب