فصل [في أحوال الزوج مع نسائه]
والزوج مع نسائه على خمسة أقسام: قسم هو مطالب فيه بالعدل، وهو المتقدم ذكره، وأربعة يسقط عنه ذلك فيها. ثم هي مختلفة المراتب:
فأحدها: مختلف فيه هل الأمر بيده، فإن أحب قسم أو ترك، أو ذلك مستحق عليه لامرأة بعينها من غير خيار، وهو حال الابتناء
والثاني: مختلف فيه هل ذلك إليه، يخص بنفسه أيتهن أحب، أو تكون قرعة لتساوي حقهن فيه، وأنه لا بد أن يستبد به إحداهن؟ وهو حال المرض والسفر والزفاف إذا دخلت عليه امرأتان في ليلة.
والثالث: مختلف فيه، هل الخيار إليه أو تكون قرعة، أو يكون إلى غير من كان عندها من غير خيار ولا قرعة؟ وهو إذا قدم من سفر أو صح من مرض [ ص: 2050 ] أو انقضى أيام الابتناء.
والرابع: أن ذلك إليه، وهو حال المرض إذا كانت إحداهن أرفق به وأقوم عليه، فله أن يكون عندها من غير قرعة.
وليس عليه العدل في هذه الأيام. ومقام الزوج عند البكر سبع، وعند الثيب ثلاث،
واختلف هل ذلك حق له، أو لها يجبر عليه، أو يندب ولا يجبر؟ فقال مرة: ذلك حق لها لازم. وقال مرة: هو حق له. وقال مالك هو حق لها يؤمر ولا يجبر، كالمتعة. والأول أحسن، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أصبغ: واللام للتمليك حتى يقوم دليل يخرجه عن ذلك. "للبكر سبع، وللثيب ثلاث"
واختلف بعد القول أنه حق لها، وقال لا يقضى به، وقال أشهب: ابن عبد الحكم: يقضى إذا كان لها ضرائر، أو كان خلوا من النساء.
فالأول لقول "من السنة إذا أنس: أقام عندها سبعا وقسم، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا، وقسم ". قال تزوج البكر على الثيب، أبو قلابة: لو ثبت قلت: إن رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه أنسا البخاري [ ص: 2051 ] ومسلم.
ووجه الثاني قول من السنة إذا تزوج البكر أقام عندها سبعا، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا، ولم يشترط أخرجه أنس: البخاري.
وقال في العتبية: مالك وقال لا يتخلف العروس عن الصلوات في جماعة ولا عن الجمعة. قال بعض الناس: لا يخرج، وذلك حق لها. سحنون:
وقال يتصرف في حوائجه وإلى المسجد. والعادة اليوم ألا يخرج لحاجة، ولا لصلاة وإن كان خلوا من غيرها، وعلى المرأة في ذلك عند النساء وصم إن خرج، وأرى أن يلزم العادة. ابن حبيب:
واختلف على حديث إذا أقام عند الثيب ثلاثا ثم أراد أن يتمها سبعا ويسبع لنسائه فأباه أم سلمة في كتاب محمد، وأجازه مالك ابن القصار قال: إن - قضى للمتقدمات سبعا سبعا. قال: وبه قال أقام عند الثيب سبعا أنس بن مالك والنخعي والشعبي والشافعي وابن حنبل وإسحاق. وقال محمد بن عبد الحكم: وعلى أحد قولي إذا زفت إليه امرأتان في ليلة أقرع بينهما. أن ذلك حق له- يكون بالخيار من غير قرعة. [ ص: 2052 ] مالك
فيسقط ذلك عنه. ثم يختلف هل يكون الخيار إليه، أو تكون قرعة؟ وهذا مع تساوي نسائه في القيام به، وإن وعلى المريض أن ينتقل بين نسائه إلا أن يشتد مرضه، - أقام عندها من غير قرعة. علم من إحداهن الجفوة والضعف عن القيام بالمريض ومن الأخرى الرفق والقيام
واختلف قول في مالك فقال مرة: يقرع بينهن. وقال مرة: يسافر بمن شاء من غير قرعة. وبه أخذ سفره بإحداهن، ابن القاسم.
والأول أحسن، لحديث - رضي الله عنها - قالت: عائشة لتساوي حقهن فيه، فلم يكن لواحدة أن تستبد به، ولم يكن له أن يخص بنفسه واحدة منهن، فكانت القرعة عدلا بينهن. وهذا إذا كان جميعهن يصلح للسفر، وليس له أن يخلف التي هي القيمة بماله المدبرة لأمره إذا كرهت المقام، وليس عليها أن تقيم للخدمة في ماله، ويؤثر غيرها، إلا أن تكون ثبطة لا تصلح للسفر، أو ذات عيال؛ لأن عليه ضررا في خروجها بعيالها، أو خروجها دونهم. [ ص: 2053 ] "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها سافر بها".
وإن أجبرت، إلا أن يكون سفرا يدركها فيه مشقة، أو تدركها فيه معرة. أراد السفر بواحدة فكرهت،
وإذا انقضت أيام الابتناء، أو أفاق الآخر من مرضه، أو قدم من سفره لم يحاسب بالماضي. واختلف في المستقبل هل يبتدئ بغير من كان عندها أو كانت معه، أو يكون بالخيار، يبتدئ بأيهما أحب؟ ويجري فيها قول ثالث أن تكون قرعة بين من سواها.
وأرى أن يبتدئ بغيرها، ثم بالتي كان لها الحق قبل الابتناء والمرض والسفر، ثم يكون عند من كان عندها، مريضا أو في السفر آخرهن. وإن أقرع بينهن خاصة، ثم كانت مع من كان عندها أو معها في السفر آخرهن. اختلط عليه كيف كانت التبدئة بينهن لطول المرض، أو السفر،
وإن سافرت إحدى نسائه جاز له أن يصيب الباقية.
قال في المبسوط: وإن مالك لم يحرم ذلك عليه، وهي تركت يومها حين خرجت. قالت له: أحرم عليك أن تأتي صاحبتي في يومي، أو تبيت عندها في ليلتي،
وقال أيضا: إن كان بينهما ميل قريب من ذلك- فلا يصيبها في يوم الأخرى. وإن كان سفرا بعيدا فلا بأس. [ ص: 2054 ]
ومحمل جواب على قوله المتقدم فيمن أغلقت الباب دونه أن له أن يمضي إلى صاحبتها، وليس ذلك له على قول مالك إذا حرمت عليه، إلا أن تطول الغيبة، ويدركها الضرر. ابن القاسم: