الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في التحريم بملك اليمين

                                                                                                                                                                                        ومن ملك أمة، لم تحرم عليه أمها، ولا تحرم هي على أبيه، ولا على ابنه بمجرد الملك دون المسيس، بخلاف عقد النكاح، فإن أصاب؛ وقع التحريم. وكذلك إن قبل أو باشر أو لامس أو تلذذ بالنظر، فإنها تحرم على آبائه وأبنائه، وتحرم عليه أمها.

                                                                                                                                                                                        وإذا كان التحريم فيها يقع بعقد النكاح، كان التحريم في ملك اليمين بما ذكرنا أبين، وتحريم الابنة بذلك أبين؛ لأنها تحرم بالعقد، وليس كالأم؛ لأن الله -عز وجل- شرط في التحريم بالأم الدخول، والدخول صفة جرت العادة بها.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا وطئ الصغير بملك اليمين أو قبل أو باشر، فقال مالك في "كتاب محمد": إن قبل، أو باشر؛ لم تحرم، إذا كان صغيرا. وقال ابن حبيب: تحرم إذا بلغ أن يلتذ بالجواري. وقال مالك في "كتاب محمد" في الجارية تقوم على سيدها في مرضه، وتمس ذكره بيدها، أو مرضت هي فقام عليها، واطلع على ذلك منها، فلا يحرمها ذلك على ابنه، ولا على أبيه، إذا لم يكن على وجه اللذة.

                                                                                                                                                                                        ولا تخلو الأمة في ملك اليمين من أربعة أوجه:

                                                                                                                                                                                        إما أن يعلم الملك ويعترف المالك بالوطء، أو يعرف الملك وينكر [ ص: 2079 ] المالك الوطء، أو لا يقر ولا ينكر، أو لا يعلم بالملك ويدعي الأب أو الابن أنه ملك أو أصاب.

                                                                                                                                                                                        فإن علم الملك، واعترف بالإصابة، حرمت على الثاني، وسواء اعترف بالوطء وهي في ملكه، أو بعد أن باع.

                                                                                                                                                                                        وإن أنكر الإصابة لم تحرم على الثاني.

                                                                                                                                                                                        وإن لم يقر، ولا أنكر حتى مات، وصارت إلى الابن، أو الأب- لم تحل. وهذا قول ابن حبيب، وحمله على الإصابة. وهذا يحسن في العلي، وإن كانت من الوخش ندب إلى ألا يصيب، ولم تحرم.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إن باعها ثم غاب قبل أن يسأل- فإنها تحرم إن كانت من العلي.

                                                                                                                                                                                        وإن لم يعلم الملك، فلما ملكها الابن، قال الأب: قد كنت ملكتها وأصبتها، فإن كان ممن يوثق به، ولا تهمة قبله فيما بينه وبين ابنه- منع الابن منها.

                                                                                                                                                                                        وإن كان ممن لا يوثق بقوله، أو علم أنه قصد بقول ذلك وجها- لم يحل بين الابن وبينها، ويدخل مثل ذلك في النكاح.

                                                                                                                                                                                        فإن تزوج الابن امرأة فقال له أبوه: كنت تزوجتها، ولم يعلم ذلك إلا من قوله الآن، فإن فارقها الابن- لزمه نصف الصداق، وتحلف الزوجة إن كان الأب ثقة، وإلا لم تحلف. [ ص: 2080 ]

                                                                                                                                                                                        وإن شهد شاهد عدل مع الأب وهو عدل أيضا- حكم بالفراق. وفي الصداق نظر، فيصح أن يقال: لا يسقط؛ لأنها شهادة للابن بسقوط الصداق عنه، فيمضي في التحريم، ويرد في الصداق، ويحلف الابن مع شهادة الأجنبي، ويصح أن يقال: يمضي في الوجهين جميعا، ولا ينتقض الحكم؛ لأنها شهادة لله تعالى، وشهادة الأجنبي العدل معه تضعف التهمة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية