الباب التاسع والعشرون في سرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه إلى بني سعد بن بكر بفدك في شعبان سنة ست .
روى محمد بن عمر عن يعقوب بن زمعة رحمهم الله تعالى قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا في مائة رجل إلى حي بن سعد بن بكر بفدك . قالوا : بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر . فسار علي الليل وكمن النهار حتى انتهى إلى الغمج ، وهو ماء بين خيبر وفدك . فوجدوا به رجلا فقالوا : «ما أنت ؟ » فقال : «باغ» ، فقالوا : «هل لك علم بما وراءك من جمع بني سعد ؟ » قال : «لا علم لي به» . فشددوا عليه ، فأقر أنه عين لهم بعثوه إلى خيبر يعرض على يهودها نصرهم على أن يجعلوا لهم من تمرهم كما جعلوا لغيرهم ويقومون عليهم ، فقالوا له : «فأين القوم ؟ » قال : «تركتهم قد تجمع منهم مائتا رجل ورأسهم وبر بن عليم» . قالوا :
«فسر بنا حتى تدلنا» قال : «على أن تؤمنوني» . قالوا : (إن دللتنا عليهم أو على سرحهم آمناك وإلا فلا أمان لك ) . قال : «فذاك» . فخرج بهم دليلا حتى ساء ظنهم به وأوفى على فدفد وآكام ، ثم أفضى بهم إلى أرض مستوية ، فإذا نعم كثيرة وشاء ، فقال : «هذه نعمهم وشاؤهم» . فأغاروا عليها . فقال : «أرسلوني» . فقالوا : حتى نأمن الطلب . ونذر بهم رعاء النعم والشاء ، فهربوا في جمعهم [وتفرقوا] فقال الدليل : «علام تحبسني ؟ قد تفرقت الأعراب» .
قال علي : «حتى نبلغ معسكرهم»
فانتهى بهم إليه فلم ير أحدا . فأرسلوه وساقوا النعم والشاء وكانت النعم خمسمائة بعير والشاء ألفي شاة . وعزل علي صفي رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوحا تدعى الحفدة ثم عزل الخمس وقسم سائر الغنائم على أصحابه ، وقدم علي ومن معه المدينة .


