ذكر رضي الله تعالى عنه أبي بكر لرافع بن أبي رافع بن عميرة الطائي رضي الله تعالى عنه وصية
روى ، ابن إسحاق ومحمد بن عمر ، عن رافع رضي الله تعالى عنه قال : «كنت امرءا نصرانيا وسميت سرجس فكنت أدل الناس وأهداه بهذا الرمل ، كنت أدفن الماء في بيض النعام بنواحي الرمل في الجاهلية ، ثم أغير على إبل الناس فإذا أدخلتها الرمل غلبت عليها ، فلم يستطع أحد أن يطلبني فيه حتى أمر بذلك الماء الذي خبأت في بيض النعام فأستخرجه فأشرب منه . فلما أسلمت خرجت في تلك الغزوة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن العاص ذات السلاسل» .
قال : «فقلت والله لأختارن لنفسي صاحبا» . قال : «فصحبت رضي الله تعالى عنه فكنت معه في رحله . وكانت عليه عباءة فدكية فكان إذا نزلنا بسطها ، وإذا ركبنا لبسها ثم شكها عليه بخلال له . وذلك الذي يقول أهل أبا بكر نجد- حين ارتدوا كفارا- نحن نبايع ذا العباءة» .
قال : «فلما دنونا من المدينة قافلين قلت : يا رحمك الله ، إنما صحبتك لينفعني الله تعالى بك ، فانصحني وعلمني» . قال : «لو لم تسألني ذلك لفعلت . آمرك أن توحد الله تعالى ولا تشرك به شيئا وأن تقيم الصلاة وأن تؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت وتغتسل من الجنابة ولا تتأمرن على رجلين من المسلمين أبدا» . قال : «قلت يا أبا بكر أما ما أمرتني به من توحيد الله عز وجل فإني والله لا أشرك به أحدا أبدا ، وأما الصلاة فلن أتركها أبدا إن شاء الله تعالى ، وأما الزكاة فإن يكن لي مال أؤدها إن شاء الله تعالى ، وأما رمضان فلن أتركه أبدا إن شاء الله تعالى ، وأما الحج فإن أستطع أحج إن شاء الله تعالى ، وأما الجنابة فسأغتسل منها إن شاء الله تعالى ، وأما الإمارة فإني رأيت الناس يا أبا بكر : لا يصيبون هذا الشرف وهذه المنزلة عند الناس إلا بها فلم تنهاني عنها» ؟ . أبا بكر
قال : «إنك استنصحتني فجهدت لك نفسي وسأخبرك عن ذلك إن شاء الله ، إن الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الدين ، فجاهد عليه حتى دخل الناس فيه طوعا وكرها ، فلما دخلوا فيه أجارهم الله من الظلم ، فهم عواذ الله وجيرانه وفي ذمته وأمانته ، فإياك أن تخفر ذمة الله في جيرانه فيتبعك الله تعالى في خفرته فإن أحدكم يخفر في جاره فيظل ناتئا عضله غضبا لجاره أن أصيبت له شاة أو بعير فالله أشد غضبا لجاره» . وفي لفظ : «فالله من وراء جاره» .
قال : ففارقته على ذلك ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على الناس قدمت عليه فقلت له : يا أبو بكر ألم تك نهيتني عن أن أتأمر على رجلين من المسلمين ؟ قال : «بلى وأنا الآن أنهاك عن ذلك» . فقلت له : «فما حملك على أن تلي أمر الناس ؟ » قال : «اختلف . [ ص: 170 ] أبا بكر
الناس وخشيت عليهم الهلاك» . وفي رواية : «الفرقة ودعوا إلي فلم أجد بدا من ذلك» .