الباب الخمسون في أبي قتادة رضي الله تعالى عنه أيضا إلى بطن إضم في أول شهر رمضان قبل فتح سرية مكة .
قال محمد بن عمر : لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم التوجه إلى مكة بعث أبا قتادة الحارث بن ربعي رضي الله تعالى عنه في ثمانية نفر إلى بطن إضم ليظن ظان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه إلى تلك الناحية ولأن تذهب بذلك الأخبار . وروى محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر ، وابن سعد ، والإمام وابن أبي شيبة ، أحمد وحسنه ، والترمذي وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، في مكارم الأخلاق ، والخرائطي والطبراني ، وأبو نعيم في دلائلهما رحمهم الله تعالى ، عن والبيهقي عبد الله بن أبي حدرد ، عن والطبراني جندب البجلي ، عن وابن جرير رضي الله تعالى عنهم ، ابن عمر عن وابن أبي حاتم الحسن ، وعبد الرزاق : عن وابن جرير رضي الله تعالى عنه ، قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قتادة إضم [في نفر من المسلمين] أميرنا أبو قتادة الحارث بن ربعي وفينا محلم بن جثامة الليثي وأنا ، فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له ومعه متيع له ووطب من لبن .
قال : فلما مر بنا سلم علينا بتحية الإسلام فأمسكنا عنه ، وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله لشيء كان بينه وبينه وسلبه بعيره ومتيعه . فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه الخبر نزل فينا : يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة [النساء 94] .
فانصرف القوم ولم يلقوا جمعا حتى انتهوا إلى ذي خشب . فبلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه إلى مكة فأخذوا على يين حتى لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم بالسقيا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمحلم : «أقتلته بعد ما قال آمنت بالله ؟ » .
وفي حديث ابن عمر ، والحسن : فجاء محلم في بردين ، فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أقتلته بعد ما قال إني مسلم ؟ » قال : يا رسول الله إنما قالها متعوذا . قال : «أفلا شققت عن قلبه ؟ » قال : لم يا رسول الله ؟ قال : «لتعلم أصادق هو أم كاذب» . قال : وكنت عالما بذلك يا رسول الله . هل قلبه إلا مضغة من لحم ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنما كان ينبئ عنه لسانه» . وفي رواية : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا ما في قلبه تعلم ولا لسانه صدقت» . فقال : استغفر لي يا رسول الله . فقال : «لا غفر الله لك» فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه . فما مضت سابعة حتى مات . [ ص: 191 ]
وفي حديث ابن إسحاق : فما لبث أن مات فحفر له أصحابه ، فأصبح وقد لفظته الأرض ، ثم عادوا وحفروا له فأصبح وقد لفظته الأرض إلى جنب قبره . قال الحسن : فلا أدري كم قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كم دفناه مرتين أو ثلاثا .
وفي حديث جندب أما ذلك فوقع ثلاث مرات ، وكل ذلك لا تقبله الأرض ، فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال : وقتادة : «إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم ولكن الله تعالى [يريد أن] يعظكم فأخذوا برجليه فألقوه في بعض الشعاب وألقوا عليه الحجارة .
وتقدم في غزوة حنين حكومته صلى الله عليه وسلم بين عيينة بن حصن ، والأقرع بن حابس في دم عامر بن الأضبط .