ذكر رجوع خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنكار عبد الرحمن بن عوف على خالد بن الوليد رضي الله عنهما .
روى محمد بن عمر ، وأبو النيسابوري في الشرف ، والحاكم في الإكليل ، وابن عساكر عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : قدم خالد بن الوليد على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما صنع ببني جذيمة ما صنع وقد عاب عبد الرحمن بن عوف على خالد ما صنع . قال : يا خالد ، أخذت بأمر الجاهلية في الإسلام ، قتلتهم بعمك الفاكه . وأعانه عمر بن الخطاب على خالد ، فقال خالد : أخذتهم بقتل أبيك ، وفي لفظ : فقال : إنما ثأرت بأبيك . فقال عبد الرحمن : كذبت والله لقد قتلت قاتل أبي ، وأشهدت على قتله عثمان بن عفان . ثم التفت إلى عثمان فقال : أنشدك الله هل علمت أني قتلت قاتل أبي ؟ فقال عثمان : اللهم نعم . ثم قال عبد الرحمن : ويحك يا خالد ولو لم أقتل قاتل أبي أكنت تقتل قوما مسلمين بأبي في الجاهلية ؟ قال خالد : ومن أخبرك أنهم [ ص: 203 ] أسلموا ؟ فقال : أهل السرية كلهم يخبرونا أنك قد وجدتهم بنوا المساجد وأقروا بالإسلام ، ثم حملتهم على السيف . قال : جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغير عليهم . وعند ابن إسحاق [وقد قال بعض من يعذر خالدا أنه] قال : ما قاتلت حتى أمرني بذلك عبد الله بن حذافة السهمي وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرك أن تقاتلهم لامتناعهم عن الإسلام ، انتهى . فقال عبد الرحمن : كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغالظ عبد الرحمن . قال ابن إسحاق : فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى .
فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خالد وغضب عليه وقال : «يا خالد ذر لي أصحابي ، متى ينكأ المرء ينكأ المرء ولو كان لك أحد ذهبا تنفقه قيراطا قيراطا في سبيل الله لم تدرك غدوة أو روحة من غدوات أو روحات عبد الرحمن» .
وعند ابن إسحاق : غدوة رجل من أصحابي .
وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري- بالخاء المعجمة المضمومة وسكون الدال المهملة- رضي الله عنه قال : كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» .


