الباب الرابع والسبعون في رعية السحيمي بعثه صلى الله عليه وسلم سرية إلى
رضي الله عنه قبل إسلامه .
روى والإمام ابن أبي شيبة ، بسند جيد عنه أحمد بني هلال وقد أسلمت وأسلم أهلها . وكان مجلس القوم بفناء بيتها ، فدار حتى دخل عليها من وراء البيت . فلما رأته ألقت عليه ثوبا وقالت : ما لك ؟
قال : «كل الشر نزل بأبيك ما ترك له رائحة ولا سارحة ولا أهل ولا مال . قالت : دعيت إلى الإسلام ؟ .
قال : أين بعلك ؟ قالت : في الإبل . فأتاه . قال : ما لك ؟ قال : كل الشر نزل بي ما تركت لي رائحة ولا سارحة ولا أهل ولا مال وأنا أريد محمدا قبل أن يقسم أهلي ومالي . قال : فخذ راحلتي برحلها . قال : لا حاجة لي فيها . قال فخذ قعود الراعي . وزوده إداوة من ماء . قال : وعليه ثوب إذا غطي به وجهه خرجت استه وإذا غطى استه خرج وجهه وهو يكره أن يعرف حتى انتهى إلى المدينة فعقل راحلته .
ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان بحذائه حيث يقبل . فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح قال : يا رسول الله ابسط يدك أبايعك ، فبسطها . فلما أراد أن يضرب عليها قبضها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ويفعله .
فلما كانت الثالثة قال : «من أنت ؟ » قال : أنا رعية السحيمي . قال : فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم عضده ثم رفعه ثم قال : «يا معشر المسلمين هذا رعية السحيمي الذي بعثت [ ص: 242 ] إليه كتابي فرقع به دلوه» . فأخذ يتضرع إليه . قلت : يا رسول الله أهلي ومالي . قال : «أما مالك فقد قسم وأما أهلك فمن قدرت عليه منهم» .
فخرج فإذا ابنه قد عرف الراحلة وهو قائم عندها فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هذا ابني . قال : «يا اخرج معه فسله أبوك هو ؟ فإذا قال نعم فادفعه إليه» . فخرج إليه فقال : أبوك هذا ؟ قال : نعم . فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما رأيت أحدا منهما استعبر لصاحبه . قال : «ذاك جفاء الأعراب» بلال . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه كتابا في أديم أحمر ، فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقع به دلوه . فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فلم يدعوا له سارحة ولا رائحة ولا أهلا ولا مالا إلا أخذوه ، وانفلت عريانا على فرس له ليس عليه سترة حتى انتهى إلى ابنته وهي متزوجة في