الباب الثالث والثمانون في وفود كندة  إليه صلى الله عليه وسلم  منهم  الأشعث بن قيس   . 
قال في زاد المعاد : قال  ابن إسحاق   : حدثني  الزهري  قال : قدم  الأشعث بن قيس  على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمانين أو ستين راكبا من كندة  ، فدخلوا عليه مسجده ، قد رجلوا جممهم واكتحلوا ولبسوا جباب الحبرات مكثفة بالحرير . فلما دخلوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أولم تسلموا ؟ » قالوا : بلى . قال : «فما هذا الحرير في أعناقكم ؟ » فشقوه ونزعوه وألقوه . ثم قال  الأشعث بن قيس   : يا رسول الله ، نحن بنو آكل المرار وأنت ابن آكل المرار . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : «ناسب بهذا النسب ربيعة بن الحارث  ، والعباس بن عبد المطلب  » . 
قال الزهري  وابن إسحاق   : كانا تاجرين ، وكانا إذا سارا في أرض العرب فسئلا : من أنتما ؟ قالا : نحن بنو آكل المرار ، يتعززان بذلك في العرب ويدفعان به عن نفسيهما لأن بني آكل المرار من كندة  كانوا ملوكا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا ، بل نحن بنو النضر بن كنانة  لا نقفوا أمنا ولا ننتفي من أبينا»  . 
وفي المسند من حديث  حماد بن سلمة  ، عن عقيل بن طلحة  ، عن مسلم بن مسلم  عن  الأشعث بن قيس  قال : قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد كندة  ولا يرون إلا أني أفضلهم ، قلت : يا رسول الله ، ألستم منا ؟ قال : «لا ، نحن بنو النضر بن كنانة  لا نقفوا أمنا ولا ننتفي من أبينا» . 
فكان الأشعث  يقول : لا أوتى برجل نفى رجلا من قريش  من النضر بن كنانة   [ ص: 403 ] إلا جلدته الحد  . 
وروى  الإمام أحمد  ،  وابن ماجه  ، والحارث  ، والباروردي  ، ويسمونه ، وابن سعد  ،  والطبراني  في الكبير ،  وأبو نعيم  ،  والضياء  عن الأشعث بن قيس الكندي  قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد كندة  فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : «هل لك من ولد ؟ » . قلت : غلام ولد مخرجي إليك من ابنة فلان ولوددت أن يشبع القوم . فقال : «لا تقولن ذا فإن فيهم قرة عين وأجرا إذا قبضوا» . ثم قال : «إنهم لمجبنة مبخلة»  . 
وروى العسكري  عنه قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : «ما فعلت بنت عمك ؟ » قلت : نفست بغلام والله لوددت أن لي سبية . فقال : «إنهم لمجبنة مبخلة وإنهم لقرة العين وثمرة الفؤاد»  . 
تنبيه : في بيان غريب ما سبق : 
رجلوا : بالجيم أن سرحوا ونظفوا شعورهم . 
الجمم : جمع جمة وهي من شعر الرأس ما سقط من المنكبين . 
الحبرة : بالحاء المهملة والموحدة وزن عنبة وهي من البرود وما كان موشى مخططا يقال له حبرة ، وبرد حبرة على الوصف والإضافة ، وهو برد يماني . 
كففوها بالحرير : أي جعلوا لكل جبة كفة من حرير وهي بضم الكاف وتشديد الفاء فتاء تأنيث وهي السجاف .
بنو آكل المرار : وهو الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية من كندة  ولقب بذلك لأكله المرار هو وأصحابه ، والمرار شجر معروف . وللنبي صلى الله عليه وسلم جدة من كندة  وهي أم كلاب بن مرة واسمها دعد بنت شريد بن ثعلبة بن الحارث الكندي ، وقيل بل هي جدة كلاب أم أمه هند  . 
لا نقفوا أمنا ولا ننتفي من أبينا : أي لا نتهمها ولا نقذفها وقيل معناه : لا نترك النسب إلى الآباء وننتسب إلى الأمهات . 
القادسية   : قرية قرب الكوفة   . 
جلولاء   : بفتح الجيم وضم اللام وبالمد نهاوند   : [بفتح أوله ورابعه مدينة عظيمة في قبلة همذان   ] .  [ ص: 404 ] 
				
						
						
