الآية الثالثة قوله تعالى : { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا } فيها اثنتا عشرة مسألة :
المسألة الأولى : في سبب نزولها : ثبت في الصحيح أن عروة سأل عائشة عن هذه الآية ، فقالت : " هي ، فنهوا عن أن ينكحوهن حتى يقسطوا لهن ، ويعطوهن أعلى سنتهن في الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن . قال اليتيمة تكون في حجر الرجل تشركه في ماله ، ويعجبه مالها وجمالها ، ويريد أن يتزوجها ، ولا يقسط لها في صداقها ، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره عروة : قالت عائشة : { ويستفتونك في النساء } } قالت وإن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية ، فأنزل الله تبارك وتعالى : { عائشة رضي الله عنها : وقول الله سبحانه في آية أخرى : { وترغبون أن تنكحوهن } هي رغبة أحدهم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال ، فنهوا عن أن ينكحوا من رغبوا في ماله وجماله من يتامى النساء إلا بالقسط [ ص: 405 ] من أجل رغبتهم عنهن إن كن قليلات المال والجمال " ، وهذا نص كتابي البخاري والترمذي ، وفي ذلك من الحشو روايات لا فائدة في ذكرها هاهنا ، يرجع معناها إلى قول عائشة رضي الله عنها .
المسألة الثانية : قوله تعالى : { وإن خفتم } قال جماعة من المفسرين : معناه أيقنتم وعلمتم ; والخوف وإن كان في اللغة بمعنى الظن الذي يترجح وجوده على عدمه فإنه قد يأتي بمعنى اليقين والعلم . والصحيح عندي أنه على بابه من الظن لا من اليقين ; التقدير من غلب على ظنه التقصير في القسط لليتيمة فليعدل عنها .
المسألة الثالثة : دليل الخطاب : وإن اختلف العلماء في القول به ; فإن دليل خطاب هذه الآية ساقط بالإجماع ، فإن ، كما يجوز ذلك له إذا خاف ألا يقسط . كل من علم أنه يقسط لليتيمة جاز له أن يتزوج سواها