الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب استحباب الأكل قبل الخروج في الفطر دون الأضحى

                                                                                                                                            1276 - ( عن أنس رضي الله عنه قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، ويأكلهن وترا } رواه أحمد والبخاري ) .

                                                                                                                                            1277 - ( وعن بريدة رضي الله عنه قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل ، ولا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع } رواه ابن ماجه والترمذي وأحمد ، وزاد : فيأكل من أضحيته ولمالك في الموطإ عن سعيد بن المسيب { أن الناس كانوا يؤمرون بالأكل قبل الغدو يوم الفطر } . ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول أخرجه أيضا ابن حبان والحاكم . والحديث الثاني أخرجه أيضا ابن حبان والدارقطني والحاكم والبيهقي وصححه ابن القطان .

                                                                                                                                            وفي الباب عن علي عند الترمذي وابن ماجه وقد تقدم . وعن ابن عباس عند الطبراني في الكبير والدارقطني بلفظ { من السنة أن لا يخرج حتى يطعم ويخرج صدقة الفطر } وفي إسناده الحجاج بن أرطاة وهو مختلف فيه وفي لفظ { من السنة أن يطعم قبل أن يخرج } رواه البزار . قال العراقي : وإسناده حسن .

                                                                                                                                            وفي لفظ أن ابن عباس قال : " إن استطعتم أن لا يغدو أحدكم يوم الفطر حتى يطعم فليفعل " رواه الطبراني . وعن أبي سعيد عند أحمد والبزار وأبي يعلى والطبراني قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر يوم الفطر قبل الخروج } قال العراقي : وإسناده جيد ، زاد [ ص: 344 ] الطبراني من وجه آخر " ويأمر الناس بذلك " وعن جابر بن سمرة عند البزار في مسنده قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم الفطر أكل قبل أن يخرج سبع تمرات ، وإذا كان يوم الأضحى لم يطعم شيئا } وفي إسناده ناصح أبو عبد الله وهو لين الحديث ، وقد ضعفه ابن معين والفلاس والبخاري وأبو داود وابن حبان . وعن سعيد بن المسيب مرسلا عند مالك في الموطإ باللفظ الذي ذكره المصنف وعن صفوان بن سليم مرسلا عند الشافعي { أن الرجل كان يطعم قبل أن يخرج إلى الجبانة ويأمر به . } وعن السائب بن يزيد عند ابن أبي شيبة قال : { مضت السنة أن نأكل قبل أن نغدو يوم الفطر } وعن رجل من الصحابة عند ابن أبي شيبة أنه { كان يؤمر بالأكل يوم الفطر قبل أن نأتي المصلى } وعن ابن عمر عند العقيلي وضعفه قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يغدي أصحابه من صدقة الفطر } .

                                                                                                                                            قوله : ( وكان صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ) لفظ الإسماعيلي وابن حبان والحاكم { ما خرج يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقل من ذلك أو أكثر وترا } وهي أصرح في المداومة على ذلك .

                                                                                                                                            قال المهلب : الحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد ، فكأنه أراد سد هذه الذريعة . وقال غيره : لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله سبحانه ، أشار إلى ذلك ابن أبي حمزة . وقال ابن قدامة : لا نعلم في استحباب تعجيل الأكل يوم الفطر اختلافا ، كذا في الفتح .

                                                                                                                                            قال الحافظ : وقد روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود التخيير فيه ، وعن النخعي أيضا مثله . قال : والحكمة في استحباب التمر فيه لما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم ، ولأن الحلو مما يوافق الإيمان ويعبر به المنام ويرق القلب وهو أسر من غيره ، ومن ثم استحب بعض التابعين أن يفطر على الحلو مطلقا كالعسل ، رواه ابن أبي شيبة عن معاوية بن قرة وابن سيرين وغيرهما .

                                                                                                                                            وقد أخرج الترمذي عن سلمان " إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة ، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور " قوله : ( ويأكلهن وترا ) هذه الزيادة أوردها البخاري تعليقا ووصلها أحمد بن حنبل وغيره . والحكمة في جعلهن وترا الإشارة إلى الوحدانية ، وكذلك كان يفعل صلى الله عليه وسلم في جميع أموره تبركا بذلك ، كذا في الفتح .

                                                                                                                                            قوله : ( ولا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع ) في رواية للترمذي : " ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي " ورواه أبو بكر الأثرم بلفظ : " حتى يضحي " وقد خصص أحمد بن حنبل استحباب تأخير الأكل في عيد الأضحى بمن له ذبح . والحكمة في تأخير الفطر يوم الأضحى أنه يوم تشرع فيه الأضحية والأكل منها ، فشرع له أن يكون فطره على شيء منها ، قاله ابن قدامة .

                                                                                                                                            قال الزين بن المنير : وقع أكله صلى الله عليه وسلم [ ص: 345 ] في كل من العيدين في الوقت المشروع لإخراج صدقتهما الخاصة بهما ، فإخراج صدقة الفطر قبل الغدو إلى المصلى ، وإخراج صدقة الأضحية بعد ذبحها .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية