الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 232 ] nindex.php?page=treesubj&link=2369_2373باب وجوب النية من الليل في الفرض دون النفل
1637 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=37325من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له } رواه الخمسة ) .
الحديث أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان وصححاه مرفوعا . وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني قال في التلخيص : واختلف الأئمة في رفعه ووقفه ، فقال ابن أبي حاتم عن أبيه : لا أدري أيهما أصح ، يعني رواية يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن سالم أو رواية إسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم بغير واسطة الزهري ، لكن الوقف أشبه . وقال أبو داود : لا يصح رفعه . وقال الترمذي : الموقوف أصح . ونقل في العلل عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه قال : هو خطأ وهو حديث فيه اضطراب . والصحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر موقوف . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : الصواب عندي موقوف ولم يصح رفعه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ما له عندي ذلك الإسناد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في الأربعين : صحيح على شرط الشيخين . وقال في المستدرك : صحيح على شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : رواته ثقات إلا أنه روي موقوفا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : أسنده عبد الله بن أبي بكر ، والزيادة من الثقة مقبولة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : الاختلاف فيه يزيد الخبر قوة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : كلهم ثقات انتهى كلام التلخيص ، وقد تقرر في الأصول وعلم الاصطلاح أن الرفع من الثقة زيادة مقبولة . وإنما قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : إن الاختلاف يزيد الخبر قوة لأن من رواه مرفوعا فقد رواه موقوفا باعتبار الطرق وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وفيه عبد الله بن عباد وهو مجهول . وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الضعفاء ، وعن ميمونة بنت سعد عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أيضا بلفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=35316من nindex.php?page=treesubj&link=2369_2373أجمع الصيام من الليل فليصم ، ومن أصبح ولم يجمعه فلا يصم } وفي إسناده nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي . والحديث فيه دليل على وجوب nindex.php?page=treesubj&link=2373_2369تبييت النية وإيقاعها في جزء من أجزاء الليل ، وقد ذهب إلى ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وجابر بن يزيد من الصحابة والناصر والمؤيد بالله nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب ، ولم يفرقوا بين الفرض والنفل . وقال nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل والهادي والقاسم : إنه لا يجب nindex.php?page=treesubj&link=2553_2373_2369التبييت في التطوع . ويروى عن عائشة أنها تصح nindex.php?page=treesubj&link=2369_26113النية بعد الزوال .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام والناصر nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وأحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنها لا تصح النية بعد الزوال .
وقالت الهادوية : وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي أنه لا يجب التبييت إلا في صوم القضاء والنذر المطلق [ ص: 233 ] والكفارات ، وأن nindex.php?page=treesubj&link=26113_2374_2373وقت النية في غير هذه من غروب شمس اليوم الأول إلى بقية من نهار اليوم الذي صامه . وقد استدل القائلون بأنه لا يجب التبييت بحديث nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع nindex.php?page=showalam&ids=14356والربيع عند الشيخين { nindex.php?page=hadith&LINKID=5469أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلا من أسلم أن أذن في الناس إذ فرض صوم عاشوراء : ألا كل من أكل فليمسك ، ومن لم يأكل فليصم } وأجيب بأن خبر حفصة متأخر فهو ناسخ لجوازها في النهار ، ولو سلم عدم النسخ فالنية إنما صحت في نهار عاشوراء لكن الرجوع إلى الليل غير مقدور ، والنزاع فيما كان مقدورا فيخص الجواز بمثل هذه الصورة ، أعني من ظهر له وجوب الصيام عليه من النهار كالمجنون يفيق ، والصبي يحتلم ، والكافر يسلم ، وكمن انكشف له في النهار أن ذلك اليوم من رمضان . واستدلوا أيضا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الآتي وسيأتي الجواب عنه . والحاصل أن قوله " لا صيام " نكرة في سياق النفي فيعم كل صيام ، ولا يخرج عنه إلا ما قام الدليل أنه لا يشترط فيه التبييت ، والظاهر أن النفي متوجه إلى الصحة لأنها أقرب المجازين إلى الذات ، أو متوجه إلى نفي الذات الشرعية فيصلح الحديث للاستدلال به على عدم صحة صوم من لا يبيت النية إلا ما خص كالصورة المتقدمة . والحديث أيضا يرد على الزهري nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر لأنهم لم يوجبوا nindex.php?page=treesubj&link=2370_2424النية في صوم رمضان .
وهو يدل على الوجوب . وأيضا يدل على الوجوب حديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12419إنما الأعمال بالنيات } والظاهر وجوب تجديدها لكل يوم لأنه عبادة مستقلة مسقطة لفرض وقتها . وقد وهم من قاس أيام رمضان على أعمال الحج باعتبار التعدد للأفعال ; لأن الحج عمل واحد ولا يتم إلا بفعل ما اعتبره الشارع من المناسك ، والإخلال بواحد من أركانه يستلزم عدم إجزائه . قوله : ( يجمع ) أي يعزم ، يقال : أجمعت على الأمر : أي عزمت عليه . قال المنذري : يجمع بضم الياء آخر الحروف وسكون الجيم من الإجماع وهو إحكام النية والعزيمة ، يقال : أجمعت الرأي وأزمعت : بمعنى واحد .
1638 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18741دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : هل عندكم من شيء ؟ فقلنا : لا ، فقال : فإني إذن صائم ، ثم أتانا يوما آخر ، فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حيس ، فقال : أرينيه فلقد أصبحت صائما فأكل } رواه الجماعة إلا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وزاد nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : ثم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12524إنما مثل صوم المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة ، فإن شاء أمضاها ، وإن شاء حبسها } وفي لفظ له أيضا قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43513يا [ ص: 234 ] nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة إنما منزلة من صام في غير رمضان أو في التطوع بمنزلة رجل أخرج صدقة ماله فجاد منها بما شاء فأمضاه ، وبخل منها بما شاء فأمسكه } قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وقالت أم الدرداء : كان nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء يقول : عندكم طعام . فإن قلنا : لا ، قال : فإني صائم يومي هذا . قال : وفعله nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة رضي الله عنهم ) .
الرواية الأولى أخرجها أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي .
وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=4108أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل على بعض أزواجه فيقول : هل من غداء فإن قالوا : لا ، قال : فإني صائم } وله ألفاظ عنده . ورواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=27386كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتينا فيقول : هل عندكم من غداء ؟ فإن قلنا : نعم ، تغدى ، وإن قلنا : لا ، قال : إني صائم ، وإنه أتانا ذات يوم وقد أهدي لنا حيس } الحديث قوله : ( حيس ) بفتح الحاء المهملة وسكون المثناة التحتية بعدها سين مهملة : هو طعام يتخذ من التمر والأقط والسمن وقد يجعل عوض الأقط الدقيق والفتيت ، قاله في النهاية .
وقد استدل بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من قال : إنه لا يجب nindex.php?page=treesubj&link=2373_2369تبييت النية في صوم التطوع وهم الجمهور كما قال النووي . وأجيب عنه بأنه صلى الله عليه وسلم قد كان نوى الصوم من الليل ، وإنما أراد الفطر لما ضعف عن الصوم وهو محتمل لا سيما على رواية : " فلقد أصبحت صائما " ولو سلم عدم الاحتمال كان غايته تخصيص صوم التطوع من عموم قوله : " فلا صيام له " قوله : ( إنما مثل صوم المتطوع . . . إلخ ) فيه دليل على أنه nindex.php?page=treesubj&link=20544_2553يجوز للمتطوع بالصوم أن يفطر ولا يلزمه الاستمرار على الصوم وإن كان أفضل بالإجماع . وظاهره أن من nindex.php?page=treesubj&link=2369_2373أفطر في التطوع لم يجب عليه القضاء وإليه ذهب الجمهور . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي : إنه لا يجوز للمتطوع الإفطار ويلزمه القضاء إذا فعل . واستدلوا على وجوب القضاء بما وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14269للدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بلفظ : " وأقضي يوما مكانه " ولكنهما قالا : هذه الزيادة غير محفوظة . قوله : ( كان nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء ) هذا الأثر وصله nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=16360وعبد الرزاق قوله : ( وفعله nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة ) . وأما أثر nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة فوصله nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة . وأما أثر nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فوصله nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عند nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق . وأما nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فوصله nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي . وأما أثر nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة فوصله nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة أيضا .