الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=17530باب جواز اتخاذ الشعر وإكرامه واستحباب تقصيره
146 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت { nindex.php?page=hadith&LINKID=27982 : كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ودون الجمة . } رواه الخمسة إلا nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وصححه الترمذي ) .
[ ص: 157 ] ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ( فوق الجمة ) قال الترمذي : هو حديث صحيح غريب من هذا الوجه .
وقد روي من غير وجه عن { nindex.php?page=hadith&LINKID=1289nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد } ولم يذكروا فيه هذا الحرف وكان له شعر فوق الجمة ، وإنما ذكره عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ثقة حافظ انتهى . وعبد الرحمن مدني سكن بغداد وحدث بها إلى حين وفاته وثقه الإمام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس واستشهد به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وتكلم فيه غير واحد .
قوله : ( فوق الوفرة ) بفتح الواو قال في القاموس : الوفرة : الشعر المجتمع على الرأس أو ما سال على الأذنين منه أو ما جاوز شحمة الأذن ، ثم الجمة ثم اللمة والجمع وفار ، وقال في الجمة : إنها مجتمع شعر الرأس وهي بضم الجيم وتشديد الميم . قال ابن رسلان في شرح السنن : إنها قريب المنكبين . قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه الله: الوفرة : الشعر إلى شحمة الأذن ، فإذا جاوزها فهو اللمة ، فإذا بلغ المنكبين فهو الجمة انتهى .
والحديث يدل على استحباب ترك الشعر على الرأس إلى أن يبلغ ذلك المقدار .
147 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك { nindex.php?page=hadith&LINKID=28316أن النبي صلى الله عليه وسلم كان nindex.php?page=treesubj&link=17523يضرب شعره منكبيه . وفي لفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=3000233كان شعره رجلا ليس بالجعد ; والسبط بين أذنيه وعاتقه } . أخرجاه nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم كان شعره إلى أنصاف أذنيه ) . قوله : ( كان شعره رجلا ) براء مهملة مفتوحة وجيم مكسورة هو الشعر بين السبوطة والجعودة . والسبط بسين مهملة مفتوحة وباء موحدة ساكنة وتحرك وتكسر ، قال في القاموس : وهو نقيض الجعودة .
وفي المشارق وهو المسترسل كشعر العجم . والجعد قال في القاموس : خلاف السبط ، وفي المشارق هو المتكسر ، فإذا كان شديد التكسر فهو القطط مثل شعر السودان . والحديث يدل على استحباب nindex.php?page=treesubj&link=17523ترك الشعر وإرساله بين المنكبين أو بين الأذنين والعاتق ، وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=34395 : ما رأيت من ذي لمة أحسن في حلة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم } قال أبو داود : زاد nindex.php?page=showalam&ids=16970محمد بن سليمان ( له شعر يضرب منكبيه ) . قال : كذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عن أبي إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء ( يضرب منكبيه ) ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة : ( تبلغ شحمة أذنيه ) . قال أبو داود : وهم nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة فيه .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=27981 : كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه } .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=27749 : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم له شعر يبلغ شحمة أذنيه } قال القاضي : الجمع بين هذه الروايات أن ما يلي الأذن هو الذي يبلغ شحمة أذنيه وهو الذي [ ص: 158 ] بين أذنه وعاتقه وما خلفه هو الذي يضرب منكبيه . وقيل : كان ذلك لاختلاف الأوقات فإذا غفل عن تقصيرها بلغت المنكب وإذا قصرها كانت إلى أنصاف أذنيه . وكان يقصر ويطول بحسب ذلك .
148 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=37161من كان له شعر فليكرمه } رواه أبو داود ) . الحديث قال في الفتح : وإسناده حسن وله شاهد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في الغيلانيات وإسناده حسن أيضا ، وسكت عنه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=16383والمنذري ، وقد صرح أبو داود أيضا أنه لا يسكت إلا عما هو صالح للاحتجاج ورجال إسناده أئمة ثقات ،
وفيه دلالة على استحباب nindex.php?page=treesubj&link=17532_17531إكرام الشعر بالدهن والتسريح وإعفائه عن الحلق لأنه يخالف الإكرام إلا أن يطول كما ثبت عند أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=101وائل بن حجر قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=454 : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ولي شعر طويل فلما رآني قال : ذباب ذباب قال : فرجعت فجززته ثم أتيته من الغد فقال : إني لم أعنك وهذا أحسن } ، وفي إسناده عاصم بن كليب الجرمي .
وقد احتج به nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه ، وقال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا بأس بحديثه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي : صالح ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني : لا يحتج به إذا انفرد .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=328 : أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس واللحية فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يأمره بإصلاح شعره ولحيته ففعل ، ثم رجع فقال صلى الله عليه وسلم : أليس هذا خيرا من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان } .
والثائر : الشعث بعيد العهد بالدهن والترجيل .
149 - ( وعن عبد الله بن المغفل قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=38303 : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الترجل إلا غبا . } رواه الخمسة إلا nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه وصححه الترمذي ) . الحديث صححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، قال nindex.php?page=showalam&ids=16383المنذري : ولكن أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي مرسلا ، وأخرجه عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وعن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين من قولهما .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11927أبو الوليد الباجي : هذا وإن كان رواته ثقات إلا أنه لا يثبت ، وأحاديث الحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن مغفل فيها نظر وفيما قاله نظر فقد قال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين nindex.php?page=showalam&ids=11970وأبو حاتم الرازي : إن الحسن سمع من nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن مغفل غير أن الحديث في إسناده اضطراب .
قوله : ( عن الترجل ) الترجل والترجيل : تسريح الشعر ، وقيل : الأول المشط والثاني : التسريح . وقوله إلا غبا أي في [ ص: 159 ] كل أسبوع مرة كذا روي عن الحسن . وفسره الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بأن يسرحه يوما ويدعه يوما وتبعه غيره . وقيل : المراد به في وقت دون وقت وأصل الغب في إيراد الإبل أن ترد الماء يوما وتدعه يوما .
وفي القاموس الغب في الزيارة أن تكون كل أسبوع ومن الحمى ما تأخذ يوما وتدع يوما . والحديث يدل على كراهة nindex.php?page=treesubj&link=17530الاشتغال بالترجيل في كل يوم لأنه نوع من الترفه .
وقد ثبت من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16789فضالة بن عبيد عند أبي داود قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=11837 : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه وفي ترك الترجيل الأيام نوع من البذاذة } .
وقد ثبت عند أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث أبي أمامة قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=18937 : ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما عنده الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تسمعون ألا تسمعون ؟ إن البذاذة من الإيمان إن البذاذة من الإيمان } .
قال أبو داود في سننه : إن البذاذة التقحل .
وفي النهاية قحل إذا التزق جلده بعظمه من الهزال والبلى انتهى . والإرفاه الاستكثار من الزينة وأن لا يزال يهيئ نفسه وأصله من الرفه وهو أن ترد الإبل الماء كل يوم فإذا وردت يوما ولم ترد يوما فذلك الغب قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في المعالم ، وحديث أبي أمامة في إسناده nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق ولم يصرح بالتحديث بل عنعن وفيه مقال مشهور . وقال أبو عمر النمري : إنه اختلف في إسناد هذا الحديث اختلافا سقط معه الاحتجاج ولم يصح من جهة الإسناد .
150 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة { nindex.php?page=hadith&LINKID=40868أنه كانت له جمة ضخمة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يحسن إليها وأن يترجل كل يوم } ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ) . الحديث رجال إسناده كلهم رجال الصحيح .
وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطإ ولفظ الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=26813 : قلت : يا رسول الله إن لي جمة أفأرجلها ؟ قال : نعم وأكرمها } فكان nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة ربما دهنها في اليوم مرتين من أجل قوله صلى الله عليه وسلم : ( نعم وأكرمها ) . وعلى هذا فلا يعارض الحديث المتقدم في النهي عن الترجل إلا غبا لأن الواقع من النبي صلى الله عليه وسلم هو مجرد الإذن بالترجيل والإكرام ، وفعل nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة ليس بحجة والواجب حمل مطلق الأمر بالترجيل والإكرام على المقيد ، لكن الإذن بالترجيل كل يوم كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف يخالف ما في حديث عبد الله بن المغفل من النهي عن الترجيل إلا غبا فإن لم يمكن الجمع وجب الترجيح .
وقد تقدم ذكر حديث إكرام الشعر وتقدم أيضا تفسير الجمة والترجيل