الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
باب nindex.php?page=treesubj&link=867_866تعجيلها وتأخيرها في شدة الحر
420 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43915كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا دحضت الشمس } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وأبو داود ) .
nindex.php?page=treesubj&link=867_866تعجيلها وتأخيرها في شدة الحر وفي الباب أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي والترمذي وقال : صحيح ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=211خباب عند الشيخين ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=88أبي برزة عندهما أيضا ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عند nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه وفيه زيد بن جبيرة قال أبو حاتم : ضعيف ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : منكر الحديث . وعن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت أشار إليه الترمذي . وعن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة عند الترمذي أيضا .
قوله : ( دحضت الشمس ) هو بفتح الدال والخاء المهملتين وبعدها ضاد معجمة أي زالت . والحديث يدل على استحباب تقديمها ، وإليه ذهب الهادي والقاسم nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي والجمهور للأحاديث الواردة في أفضلية أول الوقت ، وقد خصه الجمهور بما عدا أيام شدة الحر وقالوا : يستحب الإبراد فيها إلى أن يبرد الوقت وينكسر الوهج وسيأتي تحقيق ذلك
421 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=27861كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في أيام الشتاء ، وما ندري أما ذهب من النهار أكثر أو ما بقي منه } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ) .
422 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10446كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان الحر أبرد بالصلاة وإذا كان البرد عجل } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري نحوه ) .
423 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9629إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم } . رواه الجماعة ) . [ ص: 376 ] حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس الأول أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه .
وعن أبي موسى عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة . وعن المغيرة عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=14243للخلال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=41933وكان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الإبراد } وعن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . وعن nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني . وعن صفوان عند nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم والبغوي . وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عند nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار ، وفيه عمرو بن صهبان وهو ضعيف . وعن عبد الرحمن بن جارية عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني . وعن عبد الرحمن بن علقمة عند أبي نعيم قوله : ( فأبردوا بالصلاة ) أي أخروها عن ذلك الوقت وادخلوا بها في وقت الإبراد ، وهو الزمان الذي يتبين فيه انكسار شدة الحر ويوجد فيه برودة جهنم يقال : أبرد الرجل أي صار في برد النهار .
وفيح جهنم : شدة حرها وشدة غليانها . قال القاضي عياض : اختلف العلماء في معناه فقال بعضهم : هو على ظاهره . وقيل : بل هو على وجه التشبيه والاستعارة وتقديره إن شدة الحر تشبه نار جهنم فاحذروه واجتنبوا ضرره ، قال : والأول أظهر . وقال النووي : هو الصواب ; لأنه ظاهر الحديث ، ولا مانع من حمله على حقيقته فوجب الحكم بأنه على ظاهره انتهى ويدل عليه حديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11558إن النار اشتكت إلى ربها فأذن لها بنفسين : نفس في الشتاء ، ونفس في الصيف } وهو في الصحيح . وحديث " إن لجهنم نفسين " وهو كذلك . والأحاديث تدل على مشروعية الإبراد والأمر محمول على الاستحباب ، وقيل : على الوجوب ، حكى ذلك القاضي عياض ، وهو المعنى الحقيقي له . وذهب إلى الأول جماهير العلماء لكنهم خصوا ذلك بأيام شدة الحر كما يشعر بذلك التعليل بقوله : " فإن شدة الحر من فيح جهنم " ولحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس المذكور في الباب ، وظاهر الأحاديث عدم الفرق بين الجماعة والمنفرد ، وقال أكثر المالكية : الأفضل للمنفرد التعجيل ، والحق عدم الفرق ; لأن التأذي بالحر الذي يتسبب عنه ذهاب الخشوع يستوي فيه المنفرد وغيره .
وخصه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بالبلد الحار ، وقيد الجماعة بما إذا كانوا ينتابون المسجد من مكان بعيد لا إذا كانوا مجتمعين أو كانوا يمشون في ظل فالأفضل التعجيل
وظاهر الأحاديث عدم الفرق ، وقد ذهب إلى الأخذ بهذا الظاهر nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق والكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر ، ولكن التعليل بقوله : " فإن شدة الحر " يدل على ما ذكره من التقييد بالبلد الحار .
وذهب الهادي والقاسم وغيرهما إلى أن تعجيل الظهر أفضل مطلقا وتمسكوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة المذكور في أول الباب وسائر الروايات المذكورة هناك وبأحاديث أفضلية أول الوقت على العموم كحديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وغيرهما ، قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=8901سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : الصلاة على وقتها } .
وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20579شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا [ ص: 377 ] وأكفنا فلم يشكنا أي لم يعذرنا ولم يزل شكوانا } وزاد nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي " وقال : إذا زالت الشمس فصلوا " وتأولوا حديث الإبراد بأن معناه صلوا أول الوقت أخذا من برد النهار وهو أوله وهو تعسف يرده قوله : " فإن شدة الحر من فيح جهنم " وقوله : " فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة " ويجاب عن ذلك بأن الأحاديث الواردة بتعجيل الظهر وأفضلية أول الوقت عامة أو مطلقة ، وحديث الإبراد خاص أو مقيد ، ولا تعارض بين عام وخاص ولا بين مطلق ومقيد .
وأجيب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب بأنه كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي منسوخ ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : ويدل عليه حديث المغيرة { nindex.php?page=hadith&LINKID=29085كنا نصلي بالهاجرة فقال : لنا أبردوا } فبين أن الإبراد كان بعد التهجير ، وقال آخرون : إن حديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب محمول على أنهم طلبوا تأخيرا زائدا على قدر الإبراد ; لأن الإبراد أن يؤخر بحيث يصير للحيطان فيء فيه ويتناقص الحر . وحمل بعضهم حديث الإبراد على ما إذا صار الظل فيئا ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب على ما إذا كان الحصى لم يبرد ; لأنه لا يبرد حتى تصفر الشمس فلذلك رخص في الإبراد ولم يرخص في التأخير إلى خروج الوقت ، وعلى فرض عدم إمكان الجمع فرواية nindex.php?page=showalam&ids=14243الخلال السابقة عن المغيرة بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=27152كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الإبراد } ، وقد صحح أبو حاتم nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد حديث المغيرة ، وعده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري محفوظا من أعظم الأدلة الدالة على النسخ كما قاله من قدمنا ، ولو نسلم جهل التاريخ وعدم معرفة المتأخر لكانت أحاديث الإبراد أرجح ; لأنها في الصحيحين بل في جميع الأمهات بطرق متعددة ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فقط ، ولا شك أن المتفق عليه مقدم وكذا ما جاء من طرق .
424 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=29004كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أبرد ، ثم أراد أن يؤذن ، فقال له : أبرد حتى رأينا فيء التلول ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن شدة الحر من فيح جهنم ، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة } . متفق عليه ) . قوله : ( فيء التلول ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : الفيء ما كان شمسا فنسخه الظل والجمع أفياء وفيوء ، وفاء الفيء فيئا : تحول ، وتفيأ فيه : تظلل . قال nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة يتوهم الناس أن الظل والفيء بمعنى ، وليس كذلك : بل الظل يكون غدوة وعشية ومن أول النهار إلى آخره ، وأما الفيء فلا يكون إلا بعد الزوال ولا يقال ما قبل الزوال ، وإنما قيل لما بعد الزوال : فيء ; لأنه ظل فاء من جانب إلى جانب أي رجع ، والفيء : الرجوع ، ونسبه النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم إلى أهل اللغة . والتلول جمع تل : وهو الربوة من التراب المجتمع ، والمراد [ ص: 378 ] أنه أخر تأخيرا كثيرا حتى صار للتلول فيء وهي منبطحة لا يصير لها فيء في العادة إلا بعد زوال الشمس بكثير . الحديث يدل على مشروعية الإبراد ، وقد تقدم الكلام عليه مستوفى . قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف - رحمه الله - : وفيه دليل على أن الإبراد أولى وإن لم ينتابوا المسجد من بعد ; لأنه أمر به مع اجتماعهم معه انتهى . أشار رحمه اللهبهذا إلى رد ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقد قدمنا حكاية ذلك عنه . .