الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=25834_1336_24731_612باب الحت والقرص والعفو عن الأثر بعدهما .
21 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17559جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع ؟ فقال : تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه } متفق عليه ) .
. قوله : ( جاءت امرأة ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي أنها nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء ، قال في الفتح : وأغرب النووي فضعف هذه الرواية بلا دليل وهي صحيحة الإسناد لا علة لها .
ولا بعد في أن يبهم الراوي اسم نفسه قوله : ( من دم الحيضة ) بفتح الحاء أي الحيض قاله النووي : قوله : ( تحته ) بفتح الفوقانية وضم المهملة وتشديد المثناة الفوقانية أي تحكه ، وكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة والمراد بذلك إزالة عينه .
قوله : ( ثم تقرصه ) بفتح أوله وإسكان القاف وضم الراء والصاد المهملتين ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض وغيره فيه ضم المثناة من فوق وفتح القاف وتشديد الراء المكسورة أي تدلك موضع الدم بأطراف أصابعها ليتحلل بذلك ويخرج ما يشربه الثوب منه ومنه تقريص العجين ، قاله أبو عبيدة .
وسئل الأخفش عنه فضم أصبعيه الإبهام والسبابة وأخذ شيئا من ثوبه بهما وقال : هكذا تفعل بالماء في موضع الدم ، وورد في رواية ذكر الغسل مكان القرص .
روى ذلك الشيخ تقي الدين من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق بن يسار عن فاطمة بنت المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء قالت : سمعت { nindex.php?page=hadith&LINKID=19542رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألته امرأة عن دم الحيض يصيب ثوبها فقال لها : اغسليه } .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من حديث سفيان [ ص: 57 ] عن هشام عن nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة عن nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=19915سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيضة يصيب الثوب فقال : حتيه ثم اقرصيه بالماء ورشيه وصلي فيه } ورواه عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن هشام بلفظ : " إن امرأة سألت " . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه بلفظ { nindex.php?page=hadith&LINKID=63384اقرصيه واغسليه وصلي فيه } nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=63384اقرصيه بالماء واغسليه وصلي فيه } .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من حديث أم قيس بنت محصن { nindex.php?page=hadith&LINKID=8508أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيضة يصيب الثوب ، فقال : حكيه بصلع واغسليه بماء وسدر } قال ابن القطان : إسناده في غاية الصحة ولا أعلم له علة ، والصلع بفتح الصاد المهملة وإسكان اللام ثم عين : هو الحجر ، ذكره الحافظ في التلخيص عن ابن دقيق العيد قال : وقال : ووقع في بعض المواضع بكسر الضاد المعجمة ولعله تصحيف لأنه لا معنى يقتضي تخصيص الصلع بذلك ، لكن قال الصغاني في العباب في مادة ضلع بالمعجمة وفي الحديث " حتيه بضلع " .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : الضلع ههنا العود الذي فيه الاعوجاج ، وكذا ذكره الأزهري في مادة الضاد المعجمة قوله : ( ثم تنضحه ) بفتح الضاد المعجمة أي تغسله ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي : المراد به الرش لأن غسل الدم استفيد من قوله : تقرصه ، وأما النضح فهو لما شكت فيه من الثوب قال في الفتح : وعلى هذا فالضمير في تنضحه يعود على الثوب بخلاف حتيه فإنه يعود على الدم فيلزم منه اختلاف الضمائر وهو على خلاف الأصل ثم إن الرش على المشكوك فيه لا يفيد شيئا لأنه إن كان طاهرا فلا حاجة إليه ، وإن كان متنجسا لم يتطهر بذلك ، .
فالأحسن ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي .
الحديث فيه دليل على أن nindex.php?page=treesubj&link=608النجاسات إنما تزال بالماء دون غيره من المائعات ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي والنووي قال في الفتح : لأن nindex.php?page=treesubj&link=25645_608_470_545جميع النجاسات بمثابة الدم ولا فرق بينه وبينها إجماعا . قال : وهو قول الجمهور أي تعين الماء لإزالة النجاسة ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف يجوز تطهير النجاسة بكل مائع طاهر وهو مذهب الداعي من أهل البيت ، واحتجوا بقول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة " ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه فإذا أصابه شيء من دم الحيض قالت بريقها فمصعته بظفرها " . وأجيب بأنها ربما فعلت ذلك تحليلا لأثره ثم غسلته بعد ذلك والحق أن الماء أصل في التطهير لوصفه بذلك كتابا وسنة وصفا مطلقا غير مقيد ، لكن القول بتعينه وعدم إجزاء غيره يرده حديث مسح النعل وفرك المني وحته وإماطته بإذخرة وأمثال ذلك كثير ، ولم يأت دليل يقضي بحصر التطهير في الماء ومجرد الأمر به في بعض النجاسات لا يستلزم الأمر به مطلقا ، وغايته تعينه في ذلك المنصوص بخصوصه إن سلم ، فالإنصاف أن يقال : إنه يطهر كل فرد من أفراد النجاسة المنصوص على تطهيرها بما اشتمل عليه النص ، إن كان فيه إحالة على فرد من أفراد المطهرات ، لكنه إن كان ذلك الفرد المحال عليه هو الماء فلا يجوز العدول إلى [ ص: 58 ] غيره للمزية التي اختص بها وعدم مساواة غيره له فيها ، وإن كان ذلك الفرد غير الماء جاز العدول عنه إلى الماء لذلك وإن وجد فرد من أفراد النجاسة لم يقع من في الشارع الإحالة في تطهيره على فرد من أفراد المطهرات بل مجرد الأمر بمطلق التطهير ، فالاقتصار على الماء هو اللازم لحصول الامتثال به بالقطع وغيره مشكوك فيه ، وهذه طريقة متوسطة بين القولين لا محيص عن سلوكها . فإن قلت : مجرد وصف الماء بمطلق الطهورية لا يوجب له المزية ، فإن التراب يشاركه في ذلك . قلت : وصف التراب بالطهورية مقيد بعدم وجدان الماء بنص القرآن ، فلا مشاركة بذلك الاعتبار .
واعلم أن nindex.php?page=treesubj&link=545دم الحيض نجس بإجماع المسلمين كما قال النووي . وللحديث فوائد منها ما يأتي بيانه في باب الحيض ، ومنها ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف ههنا فقال : وفيه دليل على أن nindex.php?page=treesubj&link=596_594دم الحيض لا يعفى عن يسيره ، وإن قل لعمومه ، وأن nindex.php?page=treesubj&link=25834_1336_24731_612طهارة السترة شرط للصلاة ، وأن هذه النجاسة وأمثالها لا يعتبر فيها تراب ولا عدد وأن الماء متعين لإزالة النجاسة ا هـ . وقد عرفت ما سلف . .