الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=1644_1094باب النهي عن التطوع بعد الإقامة .
985 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9479إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة } . رواه الجماعة إلا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد : " إلا التي أقيمت " ) .
وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في الإفراد مثل حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . قال العراقي : [ ص: 102 ] وإسناده حسن . وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عند ابن عدي في الكامل مثله ، وفي إسناده عبد الله بن ميمون القداح . قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ذاهب الحديث . والحديث يدل على أنه لا يجوز nindex.php?page=treesubj&link=27064الشروع في النافلة عند إقامة الصلاة من غير فرق بين ركعتي الفجر وغيرهما وقد اختلف الصحابة والتابعون ومن بعدهم في ذلك على تسعة أقوال : أحدها : الكراهة ، وبه قال من الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وابنه nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر على خلاف عنه في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ومن التابعين nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ومسلم بن عقيل nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير
ومن الأئمة nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=16935ومحمد بن جرير هكذا أطلق الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري . وروى عنه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر والنووي تفصيلا ، وهو أنه إذا خشي فوت ركعة من صلاة الفجر دخل معهم وترك سنة الفجر وإلا صلاها . وسيأتي
القول الثاني : أنه لا يجوز صلاة شيء من النوافل إذا كانت المكتوبة قد قامت من غير فرق بين ركعتي الفجر وغيرهما ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في التمهيد . القول الثالث : أنه لا بأس بصلاة سنة الصبح والإمام في الفريضة ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن حي ففرق هؤلاء بين سنة الفجر وغيرها واستدلوا بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9479إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة إلا ركعتي الصبح } وأجيب عن ذلك بأن nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي قال : هذه الزيادة لا أصل لها ، وفي إسنادها حجاج بن نصر nindex.php?page=showalam&ids=16290وعباد بن كثير وهما ضعيفان ، على أنه قد روى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9479إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ، قيل : يا رسول الله ولا ركعتي الفجر ؟ قال ولا ركعتي الفجر } وفي إسناده nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد الزنجي وهو متكلم فيه ، وقد وثقه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان واحتج به في صحيحه
. القول الرابع : التفرقة بين أن يكون في المسجد أو خارجه وبين أن يخاف فوت الركعة الأولى مع الإمام أو لا ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، فقال : إذا كان قد دخل المسجد فليدخل مع الإمام ولا يركعهما ، يعني ركعتي الفجر ، وإن لم يدخل المسجد فإن لم يخف أن يفوته الإمام بركعة فليركع خارج المسجد ، وإن خاف أن تفوته الركعة الأولى مع الإمام فليدخل وليصل معه
القول الخامس : أنه إن خشي فوت الركعتين معا وأنه لا يدرك الإمام قبل رفعه من الركوع في الثانية دخل معه وإلا فليركعهما ، يعني ركعتي الفجر خارج المسجد ثم يدخل مع الإمام وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحابه كما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، وحكى عنه أيضا نحو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وهو الذي حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وهو موافق لما حكاه عنه أصحابه . وحكى النووي مثل قول الأوزاعي الآتي ذكره
. القول السادس : أنه يركعهما في المسجد إلا [ ص: 103 ] أن يخاف فوت الركعة الأخيرة . فأما الركعة الأولى فليركع وإن فاتته ، وهو قول الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15995وسعيد بن عبد العزيز ، وحكاه النووي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحابه .
القول السابع : يركعهما في المسجد وغيره إلا إذا خاف فوت الركعة الأولى ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، حكى ذلك عنه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، وهو مخالف لما رواه الترمذي عنه
القول الثامن : أنه يصليهما وإن فاتته صلاة الإمام إذا كان الوقت واسعا قاله ابن الجلاب من المالكية . القول التاسع : أنه إذا سمع الإقامة لم يحل له الدخول في ركعتي الفجر ولا في غيرهما من النوافل ، سواء كان في المسجد أو خارجه ، فإن فعل فقد عصى وهو قول أهل الظاهر ، ونقله nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وعن جمهور السلف ، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، وحكى الكراهة عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي في المفهم عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وأهل الظاهر أنها لا تنعقد صلاة تطوع في وقت إقامة الفريضة ، وهذا القول هو الظاهر إن كان المراد بإقامة الصلاة الإقامة التي يقولها المؤذن عند إرادة الصلاة وهو المعنى المتعارف . قال العراقي : وهو المتبادر إلى الأذهان من هذا الحديث
والأحاديث المذكورة في شرح الحديث الذي بعد هذا تدل على ذلك ، إلا إذا كان المراد بإقامة الصلاة فعلها كما هو المعنى الحقيقي
ومنه قوله تعالى: { nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=3الذين يقيمون الصلاة } فإنه لا كراهة في فعل النافلة عند إقامة المؤذن قبل الشروع في الصلاة ، وإذا كان المراد المعنى الأول فهل المراد به الفراغ من الإقامة لأنه حينئذ يشرع في فعل الصلاة ؟ أو المراد شروع المؤذن في الإقامة ؟ قال العراقي : يحتمل أن يراد كل من الأمرين ، والظاهر أن المراد شروعه في الإقامة ليتهيأ المأمومون لإدراك التحريم مع الإمام . ومما يدل على ذلك قوله في حديث أبي موسى عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني { nindex.php?page=hadith&LINKID=3284أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا صلى ركعتي الفجر حين أخذ المؤذن يقيم } قال العراقي : وإسناده جيد . ومثله حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الآتي قوله : ( فلا صلاة ) يحتمل أن يتوجه النفي إلى الصحة أو إلى الكمال ، والظاهر توجهه إلى الصحة لأنها أقرب المجازين إلى الحقيقة وقد قدمنا الكلام في ذلك فلا تنعقد صلاة التطوع بعد إقامة الصلاة المكتوبة كما تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وأهل الظاهر
قال العراقي : إن قوله : " فلا صلاة " يحتمل أن يراد فلا يشرع حينئذ في صلاة عند إقامة الصلاة ، ويحتمل أن يراد فلا يشتغل بصلاة وإن كان قد شرع فيها قبل الإقامة بل يقطعها المصلي لإدراك فضيلة التحرم ، أو أنها تبطل بنفسها وإن لم يقطعها المصلي ، يحتمل كلا من الأمرين ، وقد بالغ أهل الظاهر فقالوا : إذا دخل في ركعتي الفجر أو غيرهما من النوافل فأقيمت صلاة الفريضة بطلت الركعتان ، ولا فائدة له في أن يسلم منهما ولو لم يبق عليه منهما غير السلام ، بل يدخل كما هو بابتداء التكبير في صلاة الفريضة فإذا أتم الفريضة فإن شاء ركعهما وإن شاء لم يركعهما
قال : وهذا غلو منهم في صورة ما إذا لم يبق [ ص: 104 ] عليه غير السلام ، فليت شعري أيهما أطول زمنا مدة السلام أو مدة إقامة الصلاة ، بل يمكنه أن يتهيأ بعد السلام لتحصيل أكمل الأحوال في الاقتداء قبل تمام الإقامة ، نعم قال nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد من الشافعية : إن الأفضل خروجه من النافلة إذا أداه إتمامها إلى فوات فضيلة التحريم وهذا واضح انتهى
قوله : ( إلا المكتوبة ) الألف واللام ليست لعموم المكتوبات ، وإنما هي راجعة إلى الصلاة التي أقيمت ، وقد ورد التصريح بذلك في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد بلفظ " فلا صلاة إلا المكتوبة التي أقيمت " وكذلك في رواية nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في التمهيد ، وكما ذكره المصنف في حديث الباب .
986 - ( وعن عبد الله بن مالك ابن بحينة { nindex.php?page=hadith&LINKID=5678أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم لاث به الناس ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصبح أربعا ، الصبح أربعا } متفق عليه )
وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=147عبد الله بن سرجس عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21049جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح ، فصلى ركعتين قبل أن يدخل في الصلاة فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : يا فلان بأي صلاتيك اعتددت ، بالتي صليت وحدك أو بالتي صليت معنا ؟ } .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عند nindex.php?page=showalam&ids=14724أبي داود الطيالسي قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=263كنت أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة ، فجذبني نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال : أتصلي الصبح أربعا ؟ } ورواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار وأبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في المستدرك وقال : إنه على شرط الشيخين ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني
وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عند nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18353خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقيمت الصلاة فرأى ناسا يصلون ركعتي الفجر ، فقال : صلاتان معا ؟ ونهى أن تصليا إذا أقيمت الصلاة } وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطأ .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=19057رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي ركعتي الفجر nindex.php?page=showalam&ids=115وبلال يقيم الصلاة ، فقال : أصلاتان معا ؟ } وفي إسناده عبد المنعم بن بشير الأنصاري ، وقد ضعفه ابن معين nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان
وعن أبي موسى عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير { nindex.php?page=hadith&LINKID=5681أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي ركعتي الغداة حين أخذ المؤذن يقيم ، فغمز النبي صلى الله عليه وسلم منكبه وقال : ألا كان هذا قبل هذا ؟ } قال العراقي : وإسناده جيد وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في التمهيد { أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج حين أقيمت صلاة الصبح فرأى ناسا يصلون ، فقال : أصلاتان معا ؟ } وفي إسناده شريك بن عبد الله ، وقد اختلف عليه في وصله وإرساله قوله : ( لاث به الناس ) أي اختلطوا به والتفوا عليه . قال في القاموس : والالتياث : الاختلاط والالتفات . والحديث [ ص: 105 ] يدل على كراهة nindex.php?page=treesubj&link=1644_1094صلاة سنة الفجر عند إقامة الصلاة المكتوبة . وقد تقدم بسط الخلاف في شرح الحديث الذي قبله ، فإن قيل : قد روى nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43911كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الركعتين عند الإقامة } فكيف الجمع بينه وبين أحاديث الباب ؟ فقيل : إن ذلك خاص بالإمام ، وقيل : بالنبي صلى الله عليه وسلم والأولى أن يقال : إن في إسناد الحديث nindex.php?page=showalam&ids=14057الحارث الأعور ، وهو ضعيف كما علم بل قد رمي بالكذب فلا حاجة إلى تكلف الجمع .